• أخبار
  • مقال رأي
  • 2017/12/07 16:03

القدس، من القلب إلى القلب

القدس، من القلب إلى القلب

بقلم سعد برغل


كنّا إلى حين من الدهر القريب نتصايح صونا للعرض، طبعا تصايحنا بالمجالس وبالقمم وبالاجتماعات وتصايحنا بالشوارع وهدرت العمارات مردِّدة حبّنا للقدس، ولَعَنا بالأقصى، عشقنا لأمّ المدائن، ولا أتصوّر منذ أربعينات القرن الفارط بعد محنة وعد بلفور الذي " أعطى ما لا يملك لمن لا حقّ له في أن يملك" بإمكاننا أن نهمس اليوم بعد صياحنا بالأمس، قِمَم لاءات من الخرطوم مع الناصريين إلى بغداد البعثيين، إلى ثوار هذا الوطن الممتدّ من البحر إلى البحر حيث هدرت جبهة التحرير الجزائريّة التي آوت عندها ثوار تشي غيفارا وبابلو نيرودا وعرفت أوّل ظهور لحركة التحرير الفلسطينيّة، إلى الأمس بدمشق الشام عندما كانت مقهى الهافانا وسط البلَد تحتضن أشعار مظفّر النّواب ومحمود درويش، ومنها بَعبْدا التي احتضن مسرحها الأثريّ صوت السيدة فيروز حالما بالقدس أمّ المدائن.

قدس أمّ المدائن التي مانزال يوميّا نحلم بالحمام حول مسجدها يتهادى في أمن ملتقطا الحبّ المتناثر مقدّسا، أمن عجزت عن العيش به أغصان الزيتون بغاباتها وعجزت عنه أوراق برتقال يافا، قدس ثلاثيّة الهوس الروحيّ المطلق ومنها عانقت الروح اللغة بكل مقدّساتها وقدسيّتها وقدْسها وقداستها وقدّاسها ومقدسها، بيت المقدس لبيت القدس لقرع الكنائس إلى رفع الآذان إلى الإعلان عن " الشابات" اليهوديّ الذي لا صله له بزحف اسرائيليّ بجواز سفر بريطانيّ إلى حسابات اقليمية ضيّقة، نسفت دول الممانعة عراقيا كانت أو سورية أو يمنيّة أو جزائريّة، ضيّقت الدوائر على النفس القدسيّ حتى تفايض الكاّس مرارةَ مضطهدين في زمن البترودولار الذي فرش الأرض وردا أمام قرار دونالد ترامب.

القدس مدينة التعايش الدينيّ ومهبط كلّ المقدسات نصوصا وطقوسا وعبرا، التماهي مع المطلق والاتحاد بالمطلق والذوبان في المطلق والانصهار في المطلق ترثي اليوم شعوبا عربيّة وقبائل عاربة رقصت من زمن على إيقاع الطبل البدويّ وتخزّن الأسلحة والطائرات بلا طيار لمراقبة صحرائها الشاسعة خوفا على أشعة الشمس العربية للمهدورة بقفار نجد وإبل الجزيرة ومسميّات عربيّة لا قدسية فيها.

ملاحظة المحرّر: هذا التقرير هو مقال رأي، يعبّر عن رأي كاتبه وغير ملزم لـ "جوهرة أف أم" ولا تتحمل مسؤولية ما جاء في المقال.

مشاركة
الرجوع