• أخبار
  • مقال رأي
  • 2017/09/25 11:17

بيكاسو و الدّيك

بيكاسو و الدّيك

بقلم سعد برغل

قال رجل لبيكاسو:

"يبدو أنك لا تحسن رسم سوى هذه الخطوط و الألوان المتداخلة " فتناول بيكاسو ريشة وراح يرسم حبة قمح على الأرضية  .. و كانت حقيقية إلى درجة أنّ أحد الديكة تقدم محاولا التقاطها، عندها انبهر الرجل و قال لبيكاسو :" لماذا إذن تصرّ على هذه الرسوم الغريبة و أنت تحسن الرسم بهذه الطريقة الرائعة ؟" فأجابه بيكاسو ساخرا و بهدوء:" في الحقيقة أنا لا أرسم للدجاج. !

لا أعرف لماذا تملّكتني الرغبة في إعادة القراءة مرّات، بيكاسو الذي لم يقل ما قرأت من رأي، متأكد أو أكاد أنّ هذا الموقف لم يصدر عنه، لكنه موقف حكك منسوب لحكيم وهذا أضعف الإيمان في الاعتراف بصحةّ القول ووجاهته.

قول وجيه من عدّة وجوه، صادفني بعد أن شاهدت مباراة الترجي والأهلي المصري وبعدها بليلة مباراة النجم الرياضي الساحلي والفريق الليبي، وأتصوّر أنّ نفس التعاسة كنت سأعرفها في مباراة النادي الافريقي يومها، بعيدا عن الصياح والولولة وتشجيع الفرق الأجنبيّة على حساب الفرق الوطنيّة مهما كان لونها فإنّ التعاسة تبدو على وجوه مثقفين يتبارون في تعليقات منفّرة ضدّ فرق وطنيّة حتى أصبح الشّعب التونسيّ بمواطنيه العادّيين والمثقفين مجرّدين من كلّ إحساس بالانتماء إلى رقعة جغرافيّة واسعة اسمها تونس تحتضن كل الفرق والبدع والألوان، وتفترق السبل ونلتقي، أو من المفروض أن نلتقي، فرّقتنا السياسة وعانينا من جهويات مقيتة وعانينا من تفرقة سياسية بين شمال وجنوب وبين أهل ساحل وأهل جبل وأهل سفح وهانحن اليوم نسمع تصايح ديكة بمقاهينا التونسية العريقة ، تصايح حدّ الزغردة شماتة في تونسيّ فريقا أو أفرادا، نموت بغضينا إنْ ربحتم، ونهتزّ طربا وفرحا إنْ خسرتم، عقلية أساسها مفهوم العدوّ الذي نحتاجه دوما لتفريغ شحنة الحقد بقلوبنا، وجدنا في العروشية ثم في القتال ببؤر التوتّر، تفريغ كبت وشهوة للقتل وتدمير الآخر ولو بحساب جهاد نكاح أو الصراخ عاليا بأني التونسيّ فرحت لانتصار الأهلي المصري أو لإمكانية تسجيل الفريق الليبي هدفا في مرمى الفريق التونسّي.

قول لبيكاسو يكشف بعد سنوات من ثورتنا أنّنا التونسة ماتزال تحتاج تدعيما ثقافيّا وفلسفيا وتأطيرا مدرسيّا ولا فائدة من الإشارة إلى أنّنا سمعنا خيمات عزاء لداعية إخواني مرشد مصريّ، خيمات عزاء نصبها بساحاتنا إخوان تونس أرهقونا من زمان بأنهم تونسيّون لحما وفكرا وأنّ وطنيّتهم وولاءهم لتونس لا للتنظيم الدوليّ للإخوان، أرهقونا بأصابع رابعة وبإشارات رابعة من النهضاوي البسيط إلى نواب بالمجلس التأسيسيّ، وبعد أن طفح الكيل وخافوا تهمة الأخونة والأفغنة يعودون كلّ مرّة ليذكّرونا أنّ ولاءهم للتنظيم وأنّ الموت في سبيل الأخوة استشهاد، حتى أنهم نزعوا الترحّم على بورقيبة وبلعيد و لبسوا السواد حدادا على مرشد الإخوان مهدي عاكف.

ملاحظة المحرّر: هذا التقرير هو مقال رأي، يعبّر عن رأي كاتبه وغير ملزم لـ "جوهرة أف أم" ولا تتحمل مسؤولية ما جاء في المقال.

مشاركة
الرجوع