• أخبار
  • مقال رأي
  • 2018/03/14 12:13

عين الشمس- عين على المغرب

عين الشمس- عين على المغرب
بقلم سعد برغل

هذا ما رّددت هذه المدة التي قضّيتها بالمغرب، كانت سفراتي المتكرّرة لهذا البلد تسعدني في بعض الجوانب وتحزنني في كثير من هذه الجوانب الوطنيّة،

كنت منذ زمن أحمل أفكارا مغلوطة عن هذا البلد، كنت أرى فيه بلد الحاكم السياسي الواحد الأحد، الملكية المطلقة المتوارثة التي لا مجال فيها لديمقراطيّة مهما كان نوعها، كنت ككلّ المتأثرين بالأدبيات اليساريّة لا أرى في الملَكيّة سوى هذا الثّوب السياسيّ المتفرذّ، كان أخي الأكبر زمن مراهقتي السياسيّة يقدّم لي مجلاّت غربيّة الطباعيّة، أساسا فرنسيّة تتحدّث بإطناب عن ملك المغرب، مازلت أذكر عددا خاصّا حول تحوير الملك محمد الخامس للدّستور المغربيّ حتى يورّث ابنه محمد السادس العرش وهو ما يزال صغيرا يربّيه أهل البروتوكول على العادات الملكيّة وأذكر أنّ هذا الصبيّ بحسب ذاك الملف كان يجلس مكان والده بإحدى القمم السياسيّة الهامّة، أذكر كلّ هذا المغرب الأقصى الذي كبرت فيه ومعه بعد سنوات على إيقاع أعشقه ، إيقاع فرقة المشاهب وفرقة جيل جلالة وفرقة ناس الغيوان، وكنت أتهادي مع أصحابي زمن الكاسات أغاني سميرة بن سعيد وعبد الوهاب الدكّالي الذي عرّفتني عليه اسطوانات أخي الأكبر، ومازلت أذكر أني قطعت ذات صيف مسافة عشرين كيلومترا على "كريطة" يجرّها بغلنا صحبة مصطفى ابن عمّي آنستنا طوال الساعات المغنية " نعيمة سميح" ورائعتها" جريت وجاريت" فقد كنّا كلّما غيّرنا موجة الراديو عثرنا على صوتها.

مغرب كنت أحلم أن أزوره منذ نعومة أظفاري لرؤية مسجد الملك ولزيارة مراكش ومشاهدة لاعبي الأفاعي والتجوّل بمعالمه، كنت أحلم بهذا البلد الأسطوري في مخيّلة صبيّ جنوبيّ أقصى مدينة انتقل إليها مركز مدينته على بعد كيلومترات من أمّه وكيلومتر واحد من دكّان والده، واليوم أقول بكلّ  لهجات العرب، نحنا فين والمغرب فين، عدت من المغرب ووقفت على ما وصل إليه بلد الملك، عدد الصينيين يكاد يزاحم عدد المغاربة، لكثرة الأشغال، عملة يعملون يوم الأحد في انضباط رائع، جامعات تتصدّر المراكز الافريقيّة، حركة نشر علمي وثقافي متميّزة، فندقة وسياحة لا يمكن أن نقارنها بالسياحة التونسيّة وخدماتها، كا مصطفى الطرابلسيّ كلّما أفطرنا يقول لي هؤلاء يعملون في فرح في حين تنتزع في فنادقنا حقّك بالإرهاب، ابتسامة حيثما حللت، شعب مثقف وشوارع نظيفة وعربات مترو بلا خربشات عشاق أو عابثين، سوّاق يحترمون أدقّ قوانين المرور، شعب تعلّم الوقوف في الطابور، كنت صبيّا تصوّرت بلادي الأفضل، أقول كنت صبيّاـ تصوّرت.

ملاحظة المحرّر: هذا التقرير هو مقال رأي، يعبّر عن رأي كاتبه وغير ملزم لـ "جوهرة أف أم" ولا تتحمل مسؤولية ما جاء في المقال.  

مشاركة
الرجوع