• أخبار
  • مقال رأي
  • 2018/01/24 12:45

في زرقة عينيها

في زرقة عينيها

بقلم سعد برغل

يوما سأموت، قد يكون قريبا أو قد يمتدّ لبعض الوقت لكنيّ حتما سأموت، وها أنا في هذا الصباح أحسّ بحاجة إلى الاعتراف، لهدا البلد الحبيب بما عليّ الاعتراف به فقد دثّرني شتاء وأمتعني صيفت وهدهدني خريفا وأهداني وردا وياسمين ربيعا.

يوما سأموت، لكنّ حاجز الرعشة يأخذ بحلقي أمام وطن كوارث السياسة فيه أزهقت أرواحنا وأرهقت نفوسنا وأتت على الأخضر واليابس، مدن ملح وصفيح وهامشيات الزمن المقصي، كتابة المراثي فنّ الأوطان، لن أعانق السماء ولن أبلغ الحصريّ في مرثياته ولن أتساءل مستنكرا، كما المتنبي: عيد بأيّة حال عدت..

يوما سأموت 

وفي نفسي شيء من تونس

كثير هذا القليل منك

تتحلّق الميم تشتهي فتحة التاء

تًحلّق بسماء ما لها للألف حاجز

تتثنى النون رغبة وحنينا

تتجمّع الحروف في عجمة عربية مبينة

رابعة الحبّين و حمامة ابن عربي

فما في جبّتي غير بقايا حزن بحّار قتله الشوق إلى رعشة أناملها

سمرة شفتيها

تورّد وجنتيها

اشتهاء رقبتها 

كوني المتن لأكون لك الحاشية

كوني القاف احتمي بدائرتها

كوني متاهات العشق بالدروب الخلفية

أنت الرؤى الملتبسة بالشوق والحنين إلى ذئبية العالم الأوّل ،إلى أصحاب الشنفرى.

يوما سأتدثّر بالتراب وسيلفحني البرد تحت التراب وستسير على جثماني قوافل النمل وتدبّ فوق حسدي حجافل الدوت، لا تتقزّزوا من الوصف فلست من دعاة أهوال القبر والناكر والنّكير، لكن أقول بملء الصمت: قريبا سأموت ولكنّي سأبقى شوكة في حلوقكم أهل اليمين وأهل اليسار، وسنموت وستحيا تونس.

ملاحظة المحرّر: هذا التقرير هو مقال رأي، يعبّر عن رأي كاتبه وغير ملزم لـ "جوهرة أف أم" ولا تتحمل مسؤولية ما جاء في المقال.
مشاركة
الرجوع