• أخبار
  • مقال رأي
  • 2018/03/21 15:08

في مشروع الاستقلال

في مشروع الاستقلال

بقلم سعد برغل

من يقرأ العنوان يتصوّر أنّ المقال سيصدر في خمسينات القرن الفارط وتونس على أبواب المفاوضات المتعلّقة باستقلالها، وبوثائق استقلالها الداخلي أو الخارجي، 

وربما يتوهّم في أفضل الحالات أنّ وفدا تونسيّا مفاوضا حول ثرواتنا الباطنيّة سيتحول إلى فرنسا للتفاوض حول الملح والبترول والفسفاط، وعلى التونسيين اليوم في سنة 2018 أن ينتظروا نتائج هذه المفاوضات العسيرة بين محتلّ ووفد تونسيّ مفاوض حتى نكتب وثائق الاستقلال بعيون مجموعة لا تعرف معنى الوطن واستقلال الوطن وعلم الوطن وحبّ الوطن، مجموعة بدأت الحفر في الذاكرة الوطنيّة المقدّسة فرمت كلّ هيبة خارج الأرض التونسيّة، مجموعة بدأت الحفر بإفراغ الشارع التونسيّ زمن الترويكا من المظاهر الاحتفاليّة فلا أعلام ولا فرح ولا طقوس استقلال، ترويكا مرّت معها المناسبة بلا طعم، ونبشوا بقبور الموتى وحاكموا من حاكموا باسم اليوسفيّين وظهرت معارك تأريخيّة وهميّة وبلاتوهات ومؤرّخين لا علاقة لهم بالتّاريخ، بحثوا في قتل بورقيبة و ما رأوا من كلّ تاريخه سوى الاستبداد وانعدام الديمقراطيّة كأنهم كانوا ديمقراطيين أو كأنّ من تحدّث عن التقتيل لا يعرف أنّ عبد النّاصر وقتها قتل وأعدم خونة ولا يعرف أنّ السينيات كانت زمن إرساء الدولة الوطنيّة.

من يقرأ العنوان سيعرف حتما أنّنا مازال نبحث عن سيادتنا الوطنيّة من نهب المستعمر الفرنسيّ إلى درجة أنّ رئيس دولة مؤقت يشكّك في هذا الاستقلال ورئيسة هيأة دستوريّة فتّتت مع بول بريمر العراق انتصبت لمحاكمة رمز من رموز الاستقلال، وقتلت في التونسيّ فرحه بعيد رمز، وتعرف الشّعوب أنّها تعيش أحيانا من وهم، ويرى علماء الاجتماع الثقافي أنّ الرّموز الثقافية تنشأ بفعل القول الإبداعيّ حولها وبفضل الآداب التي تنشأ حولها، لإإذا ناقشت مسلما اليوم عن مغازي الطواف  بالكعبة وعن مفهوم الأضحيّة بل وعن الحجر الأسوذ لانبرى بسرعة البرق يدافع عن مقدّس، لا يعنيه أن تكون الظاهرة عقلانيّة أو غير عقلانيّة، اليوم مازلنا ندفع ثمن التّشكيك في كلّ الإرث البورقيبيّ بكره للذات وللوطن، والمصيبة أنّ المشكّكين يقتاتون من هدا التّشكيك ويصرفون المليارات من المال العام.

اليوم أمام مشروع السيادة الوطنيّة ومن يشكّك في فرحنا نرميه بحجارة من سجّيل بلا طير ولا أبابيل، اليوم من يتصوّر نفسه جهبذا في العلوم القانونيّة ويقدّم لنا قراءته للمعاهدات السياديّة بتزكيّة إخوانيّة أقول له، لا تعوذل على الإخوان في الحديث عن الوطن، فهم لا وطن لهم ولا يعترفون بالوطن، تركيا أردوغان أقرب إليهم من بن قردان، ورابعة وفظاعات الإخوان بها أقرب إليهم من القصرين، الوطن في ذهنهم أرض للنهب مستباحة من أجل تكديس الثروات واظروا إدا كنت من ذوي الألباب مصانعهم الجديدة ومشاريعهم الجديدة وتسمياتهم الجديدة، وانظر الأموال التي نهبوها شماتة فيك وفيّ وسذّوا الطريق أمام المشاريع وأفرغوا الخزينة العامّة، تونس بلد مستقلّ وسيبقى مستقلاّ رغم أنف الحاقدين، تونس لن تكون لكم فسحة للتقتيل كما جنيتهم على العراق وسوريا ومنبج وطرسوس وعدن وحلب، تونس رغم أنوفكم بلد الفرح الدائم، مستقلون وسنبقى شوكة في حلوقكم.

ملاحظة المحرّر: هذا التقرير هو مقال رأي، يعبّر عن رأي كاتبه وغير ملزم لـ "جوهرة أف أم" ولا تتحمل مسؤولية ما جاء في المقال.  


مشاركة
الرجوع