• أخبار
  • مقال رأي
  • 2018/02/27 10:12

فيروز ومساءات المدن الحزينة

فيروز ومساءات المدن الحزينة

بقلم سعد برغل

صوتها العذب ينساب بشغاف القلب فلا تدرك معنى اهتزازك وطربك لما تسمع، أهي العذوبة المنحدرة من جبل صنّين أم هي القوة الهادرة الآتية من قصر بعبدا وتاريخها المجيد،

أم هي النخوة العربيّة المسيحيّة ممثّلة في السيدة العذراء وقد التحفت جبّة حسن نصر الله رمز المقاومة، أم تتسرّب إليك عذوبة أحلى الصبايا  اللّواتي تشرّفت بمعرفتهنّ ذات قهوة قبالة صخرة الرّوشة أو بمقهى من مقاهي شارع الحمراء، سيدة الأكوان تحبّها ولا تملك إلا أن تحبّها لا لأنّها أطربتك بمدوّنة الحبّ أو لأنّها تسألك صباحا مساء " كيفك إنت" بلهجة لبنانيّة تتشرّبها روحك العطشى إلى غزل شامي ترى فيه خضرة الجبل اللبنانيّ وتتأمّل من أعلاه "حريصا" وتسافر بك الّذاكرة إلى عمر من المتعة التي يشهد الله أنّ لفيروز ولحفيدات فيروز جميل الأثر فيها  وجميل السّفارة، حتى أنّك تصرخ" بحبّك عطول بحك" وسنبقى نعلنها مهما علت انكساراتنا ومهما دمّر التّتار من دمشق إلى اللاذقيّة ومن طرابلس الغرب إلى طرابلس الشرق ومهما مرّ تتار السعوديّة على جثث أبناء صنعاء وسنجار وصعدة وعدن، ومهما تفنّن المماليك في تقتيل السّوريّين لعقدة انكشاريّة استحكمت بأردوغان وزكّاها منافقو الدين وتجّاره، سنبقى مع سيّدة الصّباحات شعب يحبّ استقبال الصّباح على أنغام فيروز وستبقى امرأة شجرة الأرز وعلم لبنان الذين استنزف كلاب الدّم تاريخا منه، تقاتل وتهجير وخوف مستحكم بالنفوس، بلد كان آمنا فدخلته الطائفيّة وما يزال البعض يعاني عقدة هذا التّهجير القسريّ، فقد رأوا أحبابا لهم يُقتلون على الهويّة، قتل لم توحّده دعوات السّاسة المنافقين ورجال الدين بمللهم ونحلهم، وحده صوت فيروز علا واخترق جدار الرصاص من جبل لبنان إلى صورا وصيدا واكتسح المناطق الإسلامية والضاحيّة قبل أن يفعل فعله في أبناء جلدتها من المسيحيين، فيروز مدوّنة السلوك المتحضّر اللبنانيّ، بسمة اللبنايات الشهيّات، شهامة اللبنانيّ إذ يكرمك ببسمة ماء الأرض، معطاءة عطاء من خبرت من لبنانييّن ولبنانيّات، تنزع من قلبها لتطعمك وتمدّ  شغاف الرّوح لتتذفّأ بها وترتعد في عمقها بردا، فيروز مدن الحلم تقف شامخة في وجه الخراب العبريّ ومدن الصفيح، تحوّلت سيّدة لبنان من شموخ لبنان إلى البحث عن الزمن الهارب من الشّوارع الخلفيّة التي دمّرها العبريّون باعة الأرض والعرض.

القدس لا نعرف هل سنبقى نرّددها من باب العزاء ولا نعرف ستّي هل سنعود يوما، ولا ندري سيّدتي هل يمكن أن نرمي الصهاينة بالمتوسّط، هذا المتوسّط الذي شبع حوته من لحم الليبيين والسوريين والتونسيين واليمنيين واللبنانيين، هل سيأكلنا الغول بعد الحوت الذي ابتلعنا، سيّدتي لا أعرف هل سيُهدي ابني حبيبته اسطوانة تحمل أغاني فيروز الحالمة بالشتاء والمطر والثلج، وهل سترقص صبايا العرب الجديدات على ايقاع الدبكة اللبنانيّة، هذا إن كانت تعرف الواحدة منهنّ هذه الدّبكة أصلا، عذرا ستّي فهذا زمن الطائفيّة ذات العكاكيز الدينيّة وزمن البيع بالتقسيط لما تبقّى من بلدان، آسف ستّي، عليك بالصمت فلن نعيش بذاءة أكثر ممّا نحن فيه الآن.

ملاحظة المحرّر: هذا التقرير هو مقال رأي، يعبّر عن رأي كاتبه وغير ملزم لـ "جوهرة أف أم" ولا تتحمل مسؤولية ما جاء في المقال.

 

 
مشاركة
الرجوع