• أخبار
  • مقال رأي
  • 2017/12/12 10:00

مرثيّة المُدن العتيقة

مرثيّة المُدن العتيقة

بقلم سعد برغل

لا يمكننا اليوم مع هذا المدّ القاتل لكلّ لخيبات العرب من أهل النّفط وأهل الصحراء ومن عرب النخيل والخضرة والجبال والوديان والوهاد، دعونا نرثي مدنا سقطت وشعوبا قُتلت، دعونا نثأر لأنفسنا بالحرف لعلّنا غدا نلاقي ربّنا بجميل حروفنا وما حبّرنا. تحسّرنا، تصايحنا، اشتدت أزماتنا، مات البعض حسرة والآخر كمدا والثالث غبنا والرّابع حزنا، ضاعت مدن وتهوّدت مدن وتخرّبت مدن ودُمّرت مدن ومات من مات ومات من ابتلعه البحر ومات من قضى عليه المرض الذي انتهت منه الانسانية قاطبة ماعدا العرب؛ يموت اليمنيون بالكوليرا ويموت السوريّون جوعا ويموت الليبيون بالصّفرة، أمراض كانت إلى حين قريب في عداد التاريخ، أمراض وعاهات أحياها العرب النّذّل.

اليوم نبكي القدس التي ضاعت، كأنها ضاعت اليوم، لا نحن ككلّ مصيبة نكذب كذبتنا ونصدّقها ونجري وراءها، حالنا كحال أشعب في الوليمة مع صبية الحيّ، القدس ضاعت مع وعد بلفور قبل مائة سنة، وقرار ترامب قرار أمريكيّ منذ تسعينات القرن الفارط، لكن الان، أين الجولان المحتلّ؟ أين سبتة ومليلة المغربيتين المحتلتين من اسبانيا؟ طنبُك الكبرى وطنبُك الصغرى مع ايران؟ لواء اسكندرونة مع تركيا؟ أين هذه الأجزاء العربيّة المقتطعة من جسد العرب أم إنّنا لا نرى إلا الأجزاء التي يمكن أن نستغلها دينيّا وأن نستثمر فيها العامل الدينيّ؟ لماذا لم نخرج ضدّ الترك والايرانيين والإسبان ولماذا لا يعرف ساستنا سوى النفاق السياسيّ ولا يتحدّث القوميّون العرب عن تلك الأجزاء المقتطعة ويكتفون بالصّياح عن القدس ولا يُفرّق الواحد منهم بين بيت المقدس والمسجد الأقصى وقبّة الصّخرة، ولا نسمع حفيفهم إلا بمناسبة يوم الأرض، قوميّون تذيّلوا للاخوان والنهضة حتى بسطتهم سجادا تمرّ منه الحركات الأصوليّة باسم الدين والهويّة والقدس.

من القدس الني سننساها قريبا، إلى الاذقية وحمص وحلب وطرسوس بسوريا، عرب الذيل منحوا بشار الأسد الحق في تمكين الروس من قاعدتين قاّرتين بسوريا ومنحوا للخنازير الأعراب بقطر قاعدة أمريكية قارّة ومنحوا للأمريكان كلّ أرض الجزيرة فلم نسمع صوتهم رافضا الوجود الأمريكي بقطر أو بالجزيرة، وعندما يجب أن يفتحوا فاهم عمّا يحدث من تقتيل بالجزيرة وتصفية حسابات أميريكيّة خرسوا وفقدوا لسانهم وعندما نزل بالشبكة فيديو لجمعيات خليجية تزور الكيان الصهيوني هذه الأيام في هذه الأيام التي أراد الإخوان استثمارها لم نجد من ندّد بدولة البحرين وتطبيع مجتمعها المدني مع اسرائيل.عرب يبكون القدس وقبلها ضاعت مدن مغريية وبعدها ضاعت دمشق ون وصنعاء وطرابلس وبنغازي وستر الرّب تونس.

أيام من العمالة لتركيا بدأناها منذ زمن الترويكا وتجدّدت مع رفض كتلة النهضة التصويت على قانون توريد البضائع التركية، ومعها اليوم مع نهضاويين يستحمروننا ويستغفلوننا، يسوّقون أردوغان على أنّه الثائر المنقذ للقدس، والواقع يقول أنّ لتركيا سفارة واعترافا باسرائيل وأنّ التبادل التجاري من أكثر النِّسب بين البلدين وأنّ التّرك والاسرائليين يجرون مناورات عسكرية دورية ولكن الإخوان يستحمروننا، وبالأمس رفضوا تجريم التطبيع مع اسرائيل واليوم يتباكون على ضياع القدس أولا د قراد الخيل.

ملاحظة المحرّر: هذا التقرير هو مقال رأي، يعبّر عن رأي كاتبه وغير ملزم لـ "جوهرة أف أم" ولا تتحمل مسؤولية ما جاء في المقال.

مشاركة
الرجوع