• أخبار
  • مقال رأي
  • 2017/08/18 11:23

موش وقتو

موش وقتو
بقلم سعد برغل

موش  وقتو هي الجملة السحرية التي عثرت عليها النخبة المثقفة بالبلاد ولاكها أهل السياسة كلّما وجدوا أنفسهم أمام قانون جديد أو مشروع إصلاحيّ جديد، يمكن أن يكون ضمن أفق برامجهم السياسية، هم رافضون للفكرة من ناحية المبدأ لكنهم لا يجاهرون بموقفهم الرافض خوفا من خصومهم، هم يتبنّون الفكرة لكنهم يخشون من استثمار خصومهم لها بحكم أنّها صدرت من غيرهم.

موش وقتو ظهرت منذ الأيام الأولى للثورة عندما نادى شقّ من التونسيين بالمحاكمة العلنية لرجال العهد النوفمبريّ، هم مع فكرة المحاسبة والعقاب لكنّ الخوف من ردود الفعل الشعبية والدولية يدفعهم إلى موقف سبه شبه، فلا يجدون ملاذا سوى اللغة يحتمون بها، وسارت مقولة "موش وقتو" وأصبحت موقفا جاهزا لا يضرّ صاحبه ولا يورط الحزب، ومن يومها كلّما جاءت فكرة سارع اليمين واليسار إلى شبه الشبه حتى لا يتورطوا، ومنه حكاية تجريم التطبيع مع اسرائيل بالدستور ومنها المنشور المتعلق بالمثليين ومنه قانون المصالحة ومنه قانون مكافحة الفساد، وانعكس موقف موش وقتو على التصويت في البرلمان فتغيب الكثير عن الجلسات بتعلّة عدم جدوى الحضور لقانون "موش وقتو".

موش وقتو كانت البارحة سيدة الموقف في نقاش عائليّ بين أصحاب اليمين وأصحاب اليسار من أهلي، مختلفون اختلافا بيّنا، لكنّهم متفقون اتفاقا جدّيّا، موش وقتو جمعتهم في تقييمهم لمقترحي رئيس الجمهورية حول المناصفة في الإرث والزواج بغير المسلم، يرى أهل اليسار أنّ المناصفة حقّ من حقوق المرأة ضمن الفلسفة العامة للدستور ومبدأ المساواة بين المواطنين، لكن للوطن هموم أخرى مثل تدهور الدينار والقدرة الشرائية للمواطن، ولا يرون مانعا في إقرار المساواة بدليل أن تركيا التي يحكمها الإخوان حافظت على مبدأ المناصفة ، لكن "موش وقتو"، في حين يرى أهل اليمين أنّ الدعوة تتعارض مع حكم صريح بالقرآن، وأنّ الرئيس قد تجاوز الخطّ الأحمر، دون أن تسبق هذه الدعوة نقاشات وتفكير معمّق في باب الاجتهاد، وهو ما جعل الدعوة بدعة، ويستندون إلى موقف الأزهر من الخطاب الرئاسي، هم بين بين، لا هم برافضي إعادة النّظر ولا هم مع إعادة النّظر، موقف محرج مربك مقلق حشرهم فيه ثعلب السياسة.

موش وقتو، موقف هروب من الموقف، موش وقتو حتى يتجنب الإخوان الخوض في مجمل القضايا التي رفضوها في البداية وهو الآن من مناصريها، تعدّد الزوجات والاسترقاق في الإسلام وقطع يد السارق...

موش وقتو لأهل اليمين الذين يدعون الحداثة والاستناد إلى المواثيق الدولية يجعل السياسة بتونس فنّ الجبن و" الجمهور عاوز كده"، لكن تبقى الدعوة بقطع النّظر عن مستقبلها دعوة عرّت اليمين واليسار على حدّ سواء.

ملاحظة المحرّر: هذا التقرير هو مقال رأي، يعبّر عن رأي كاتبه وغير ملزم لـ "جوهرة أف أم" ولا تتحمل مسؤولية ما جاء في المقال.

مشاركة
الرجوع