• أخبار
  • مقال رأي
  • 2015/05/30 12:23

كلاب الدم قتالة العلَم/ الإعلام الحربي أهم من النفط أحيانا

كلاب الدم قتالة العلَم/ الإعلام الحربي أهم من النفط أحيانا

بقلم سعد برغل


كثيرا ما استمع إلى الإذاعات لمّا كنت منتجا ببعضها، وأتابع التلفاز لمّا كنت منتجا كذلك، وبقيت المحنة تتبعني بعد أن تمكّن الثّوّار من تصفيّة حسابات العُقد الخالصة الأجر معي، 

قلت كنت أستمع وأناقش في نفس الوقت الإعلاميّين الجزائريّين في بعض المسائل المتعلّقة بتغطيّة تحرّكات " الدّرك الوطني الجزائريّ" في حربه ضد تجار الدين وعاشقي "دولة السّماء" بمواصفات خليجيّة، وكان الأشقّاء من الجزائر يحاولون إفهامي أنّه من الصّعب أن تفهم عقليّة من يرقص على قدم واحدة مستعينا بذيله، يستحيل أن تعرف كيف تتعامل مع من يُشيطن الغرب ويحجّ له، كيف يدعو النّاس من المنابر، التي يقاتل من أجل اعتلائها، إلى الزّهد في الدنيا ويركب أفخم السيارات الأمريكيّة ويحدّث مريديه عن ماء زمزم وهو يشرب من المياه المعدنية المصفاة خوف البكتيريا فقد تلوّث الباطن بإشعاعات نوويّة.
بعد سلسلة الاعتداءات على الوطن والمواطنين وعلى الجنود والأمن أستغرب من المختصين سواء أساتذة معهد الصحافة وعلوم الإخبار ورئاسة الحكومة ورئاسة الجمهوريّة وجمعية الصحافيين والهايكا عدم التفكير في جديّة في سلسلة ندوات تهتمّ  بكيفيات التصرّف الإعلاميّ زمن الأزمات والحروب والطوارئ، ندوات تقدّم  للصّحفي مقترحات عمليّة لكيفيّة مجابهة الكوارث وكيفية قولبة المعلومات وصياغتها بما لا يتحوّل معها الصحفيّ النّاقل للخبر الطارئ إمّا مخبرا للجماعات المعتديّة أو باثّا للرّعب في نفوس الجمهور المستمع لنقل الخبر.
فاجأتني هذه الملاحظة وأنا أستمع إلى سلسلة التقارير التي بثّتها مختلف القنوات الإذاعيّة صباحا وازداد الأمر هولا مع التلفزات، فالحصول على السّبق الصحفي مع عدم التريّث لتبيّن مصداقيّة الخبر من مصدره جعل الكثير من النّاقلين يقدّمون معلومات خطيرة خاطئة، فالمسارعة بتوصيف العمليّة بالإرهابيّة وارتباط المصطلح منذ سنوات بتنظيمات جهاديّة يجعل المواطن، كما سمعته، مرتبكا حائرا متسائلا " الضرب وصل لقلب العاصمة مرّة أخرى" و " الضّرب في بوشوشة إمّالا بقية المدن اش باش يصير فيها"، ويلتبس الأمر، فتصنع المعلومة المتسرّعة الخاطئة نفوسا مهزوزة غير قادرة على الوقوف ضدّ الإرهاب الفعليّ، وتدمّر بالتالي كلّ مناعة نفسية لدى المواطن وتجعله بلا وعي شخصيةً سالبة ترتعد ركبتاه وترتعش أصابعه. و لايكفي عندها أن يتسابب الصّحفيّون بتعلّة أنّه استقى الأخبار من محيط الحدث ومن مصادر عاديّة متواجدة على عين المكان، لأنّ هذه المصادر المتواجدة على عين المكان قد تكون مصدرا صحفيّا في حادثة سير أو إذا عضّ رجلٌ كلبه، أمّا أن يكون الخبر تحت صوت طلقات الرّصاص بقلب العاصمة التونسيّة في ثكنة عسكريّة فصياغته ومصادره لا يمكن بحال أن تكون امرأة ذاهبة صباحا لاشتراء الخضر أو رجل يتصيّد سمكات بسوق باردو.
الحرب الإعلاميّة وممارستها وفنونها ضرورة أصبحت اليوم من أولويات الأمن القومي، لأنّنا بعد ما شاهدنا من بلاتوات وصحفّيين يقدّمون خرائط الشعانبي، ويسألون مختصين في "الأمن الشامل" ، بعضهم لا يعرف الحرب ولم يحمل سلاحا، وبعضهم الآخر يتبجّح بأنّه  دكتور مختصّ في الحركات الإرهابيّة، وهو لا يملك من الشهائد سوى إجازة تسعينيّة من قسم العربيّة، وتتحوّل الحصّة تدريبا عسكريأ للمجموعات المحاصرة بالجبال، ويهديها  المحلّلون أفضل السبل وأكثرها أمنا للتسلّل من هذه الجبال، بلاتوهات لا يعي منتجوها خطر المعلومة، فالخرائط وعدد الجنود بل والأدهى أنّ البعض فدّم في حلقة مراكز تواجد الفرق العسكريّة وساعات الدوريّات وعدد بعض هذه الدوريات، علما أنّنا نسمع مع هذه "التحليلات- الإخباريّات" حديثا عن نوع الأسلحة التي يستعملها الجيش التونسيّ ونوع السيّارات وماهي نقاط ضعفها ومتى يمكن للواحد أن يمنعها من الفاعليّة.

مشاركة
الرجوع