• أخبار
  • ثقافة
  • 2019/01/19 13:53

ماذا قرأ التونسيون سنة 2018 وماهي أكثر الكتب مبيعا؟

ماذا قرأ التونسيون سنة 2018 وماهي أكثر الكتب مبيعا؟
ماذا قرأ التونسيون سنة 2018؟ وماهي أكثر الكتب مبيعا؟ وهل مازال التونسي يُقبل على المطالعة رغم تراجع مقدرته الشرائية نتيجة الظرف الاقتصادي الصعب للبلاد؟ بهذه الأسئلة توجهت وكالة تونس إفريقيا للأنباء إلى عدد من أصحاب المكتبات والموزعين في العاصمة والجهات والمساحات التجارية والفضاءات الكبرى للوقوف على مدى إقبال التونسي على المطالعة ومعرفة أي الكتب هي الأكثر مبيعا في العام الماضي.
وقد أجمع جلّ المكتبيين على أن الرواية تظل الجنس الأدبي الأكثر إغراءً للقارئ التونسي، تليها الكتب التاريخية والسياسية التي ألّفها وزراء سابقون أو مسؤولون كبار في الدولة سواء زمن بورقيبة أو بن علي.
فالرواية هي أكثر أصناف الكتب مبيعا في مكتبة "سندريلا" بالعاصمة سنة 2018، ثمّ تليها البحوث العلمية والدراسات السياسية والاجتماعية، تأتي بعدها الكتب الفقهية والتاريخية.

يقول محمد الفاتح وهو موظّف بمكتبة "سندريلا" إن مبيعات الرواية التونسية سجّلت ارتفاعا ملحوظا بعد الثورة، وذكر من ضمن الإصدارات التي لاقت صداها لدى القارئ روايتيْ "في قلبي أنثى عبرية" و"غربة الياسمين" لخولة حمدي. ومن الروايات العربية التي أقبل عليها القارئ التونسي، تحدّث محمد الفاتح عن إصدارات الروائي الأردني أيمن عتّوم، من أهمها ذكر رواية "خاوية" الصادرة سنة 2016.
ولاحظ أنه رغم ارتفاع نسب مبيعات الرواية، فإن عدد القرّاء يظلّ متدنيّا جدّا ومنحسرا في عدد محدود من المثقفين والمفكرين والجامعيين.
ومثّلت الرواية الأكثر مبيعا أيضا بمكتبة تونس الكائنة بنهج أنقلترا بالعاصمة، التي سجّلت إقبال القرّاء على الرواية العربية بالأساس، خاصّة إصدارات الكاتب الفلسطيني أدهم شرقاوي والأردني أيمن عتّوم، وفق الموظفة بالمكتبة يسرى عيّادي.
أمّا الرواية التونسية فإن صداها لدى حرفاء هذه المكتبة ضعيف جدّا، وفق تأكيدها.

وبحسب المصدر ذاته، تتصدّر مبيعات الكتب الفقهية المرتبة الثانية بعد الرواية، ثم تأتي الكتب التاريخية.
في النهج ذاته وتحديدا بمكتبة مخلوف المختصّة في بيع الكتب القديمة، تتصدّر الرواية كذلك حجم المبيعات، تليها كتب البحوث العلمية في العلوم السياسية والاجتماعية وعلم النفس.
ومن أهم العناوين التي أقبل القراء على اقتنائها، وفق محسن عُمري الموظف بهذه المكتبة، هي رواية "في قلبي أنثى عبرية" لخولة حمدي، و"كنت في الرقة هارب من الدولة الإسلامية" لهادي يحمد. ويُضيف محسن عُمري في حديثه لـ "وات" أن روّاد المكتبة يُقبلون أيضا على ترجمات الأدب الروسي خاصة بعد الثورة، وقد فسّره بميولاتهم الإيديولوجية اليسارية.
وعرفت مكتبة "المعرفة المرحة" بالعاصمة، إقبال القرّاء على الرواية بدرجة أولى، ثم الدراسات الفلسفية والسياسية بدرجة ثانية.
وتُعدّ "ماكينة السعادة" لكمال الزغباني أهم الروايات التي لاقت صداها لدى حرفاء هذه المكتبة.

- الكتب التاريخية تتصدّر مبيعات شبكة مكتبات "culturel"
ومقابل تزايد مبيعات الرواية في المكتبات المذكورة سلفا، سجّلت شبكة مكتبات "culturel" الموجودة بكلّ من تونس العاصمة والمرسى وسوسة وصفاقس، والتي تتولى عملية تزويد المساحات التجارية والفضاءات الكبرى، ارتفاعا في مبيعات الكتب التاريخية العام الماضي، إذ وجد كلّ إصدار عن التاريخ المعاصر للبلاد التونسية، صداه لدى القارئ، وفق ما أكد لـ"وات" مؤسس شبكة مكتبات "كولتورال" ورئيس نقابة أصحاب المكتبات حسن جعيّد، مضيفا أن الطلب "كبير جدّ" على هذا الصنف من الكتب لا فقط العام الماضي وإنما منذ 14 جانفي 2011.
ومن بين الكتب التي أقبل على اقتنائها التونسيون تلك التي تضمنت شهادات لسياسيين شاركوا في حكومات متعددة سواء في العهد البورقيبي أو في فترة حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، وكذلك إصدارات لسياسيين معاصرين شاركوا في الفترة الأولى لمرحلة الانتقال الديمقراطي في تونس.
وقال إن شهادات السياسيين المضّمنة في هذه الكتب التاريخية تمثل وسيلة لتحليل وفهم تاريخ تونس المعاصر.
أما مبيعات الرواية باللغتيْن العربية والفرنسية، في مختلف مكتبات شبكة "كولتورال" فقد حلت في المرتبة الثانية بعد الكتب التاريخية.
وذكر حسن جعيّد صنفا ثالثا من الكتب لقيَ رواجا لدى حرفاء المكتبة خاصة بعد الثورة، وهو كتب "التنمية البشرية".

ويعود إقبال جزءٍ من القرّاء على هذا الصنف، وفق تقديره، إلى حاجة التونسيين لفهم بعض السلوكيات والظواهر الاجتماعية والنفسية المتفشية في المجتمع التونسي بعد الثورة.
واعتبر في السياق ذاته أن هذا الصنف من الكتب يعد، وسيلة علاجية للمواطن التونسي الذي يحتاج إلى النظر بإيجابية للمستقبل رغم الصعوبات الراهنة نتيجة الوضع الاجتماعي والاقتصادي الصعب.

وفي ما يتعلّق بمبيعات الكتب الدينية، قال حسن جعيّد إنها أصبحت مقترنة بالمناسبات الدينية على غرار شهر رمضان المعظم، لافتا إلى أنّ مبيعات هذا الصنف تراجعت تدريجيّا مقارنة بالسنوات الأولى التي تلت الثورة. وفسّر ذلك بأن التكنولوجيا الرقمية ساهمت في تقلّص مبيعات الكتب الدينية باعتبار هذا الصنف متوفر على عدّة محامل على الانترنات ويسهل تحميله في شكل تطبيقات على الهواتف الذكية.
وعن حجم مبيعات الكتب في العاصمة مقارنة بمدينتيْ سوسة وصفاقس، حيث يوجد للشبكة فرعان في هاتيْن المدينتيْن، أكّد أن قيمة المبيعات في العاصمة تفوق ما يُباع بسوسة وصفاقس، وذلك نظرا للكثافة السكانية بتونس الكبرى من جهة، وكذلك لارتفاع القدرة الشرائية لمتساكنيها مقارنة ببقية الجهات، وفق تقديره.
وبخصوص العناوين الأكثر مبيعا سنة 2018 أفاد جعيّد بأن شبكة المكتبات التي يشرف عليها سجلت في مرتبة أولى رواية "اليف شافاك" بالفرنسية "Soufi, mon amour" تلاها "الخيميائي" لـ "باولو كويلهو" ثم رواية "شقة في باريس" لـ"غيوم موسو" ثم تأتي "للا البية قمر" للكاتب ماهر كمون.
وضمن قائمة الكتب الموجهة للشباب يواصل "هاري بوتر" بجزئيه الأول والثاني (للكاتبة البريطانية ج ك رولينغ)، تصدر قائمة مبيعات 2018 يليه "Nos étoiles contraires" لجون غرين و"13 سببا" لـ"جاي آشر".
وضمن قائمة الروايات العربية الأكثر مبيعا ذكر جعيّد رواية "أسرار عائلية" لفاتن الفازع التي تصدرت المبيعات، تليها رواية الكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي "شهيا كالفراق".
ورغم تأثير تراجع المقدرة الشرائية للتونسيين على خفض عائدات مبيعات الكتب عموما وخاصة شبكة مكتبات "كولتورال" بنسبة 15 بالمائة سنة 2018 مقارنة بسنة 2017، فإن المسؤول عن هذه الشبكة ورئيس نقابة أصحاب المكتبات حسن جعيّد يظل متفائلا وفق ما صرح لـ"وات"، مضيفا "حتى وإن سجلنا تراجعا في حجم المبيعات فإننا لاحظنا تحمّس التونسيين وابتهاجهم بكل مكتبة جديدة تفتح أبوابها خاصة في المناطق التي ينقصها مثل هذه الفضاءات".
وأضاف أن هذا النّهم دليل على أن العرض أقل من الطّلب معتبرا أن مهنة المكتبيّ تظلّ مهنة المستقبل لأن سوق بيع الكتب ما يزال سوقا خاما غير مستغل.
ومن جانبه يقول الصحفي محمد بنور أحد المسؤولين بمكتبة الكتاب الشهيرة بشارع الحبيب بورقيبة بتونس العاصمة، إن أكثر الكتب التي أقبل عليها التونسيون العام الماضي هي بالترتيب التفاضلي كتاب هالة وردي "آخر أيام محمد" وللاّ البية قمر" لماهر كمون (وهما إصداران بالفرنسية) أما أكثر الكتب الأجنبية مبيعا في هذه المكتبة هي "بنات حواء الثلاث" للكاتبة الروائية التركية "إليف شافاك".
ومن بين الكتب التي أقبل التونسيون على اقتنائها سنة 2018 كذلك "كيبروكو" لفتحي بلحاج يحيى و"النساء لا يمُتْن من الحب" لأحلام مستغانمي (وهو الترجمة الفرنسية لروايتها الصادرة بالعربية الأسود يليق بك) و"شمس بالاص" للروائي التونسي علي بشر ورواية "الحب في زمن النفط" للكاتبة نوال السعداوي.
وإلى جانب الروايات سجل المصدر ذاته إقبالا كبيرا من التونسيين على اقتناء كتب أخرى منها بالخصوص مؤلف الصافي سعيد "القذافي سيرة غير مدنسة" وكتاب "Sous le toit de l’empire" للكاتبة المؤرخة ليلى تميم بالليلي و"اليسار العالمي الجديد" للمؤرخ الهادي التيمومي و"النساء والإرهاب" لآمال القرامي ومنية العرفاوي.
وسجلت مكتبة الكتاب في العام الماضي مواصلة إقبال القراء على اقتناء مؤلفات الكاتبة ألفة يوسف باللغتين العربية والفرنسية على غرار "أحلى كلام" و"حيرة مسلمة".
- مؤلفات السياسيين محلّ اهتمام القارئ
وأشار محمد بنور إلى إقبال التونسيين على اقتناء الكتب التي ألّفها سياسيون أو كتّاب مهتمون بالشأن السياسي منها "En toute franchise" للهادي البكوش و"L’autre Révolution" لمكمد كرو و "L’Islam Incertain " لحمادي الرديسي و"وسيلة بورقيبة" لـ "جاكلين غاسبار" و"Habib Bourguiba, Radioscopie d’un règne للشاذلي القليبي وكتاب الباجي قائد السبسي "بورقيبة، الأهم والمهم"، إضافة إلى الإقبال على اقتناء كتاب "تاريخ تونس منذ الاستقلال" الصادر بالفرنسية لكل من العربي شويخة و"إيريك غوب".
وقال إن الرواية تظل الجنس الأدبي المفضل لدى القراء بصفة عامة، نافيا صحة ما يعتقده البعض بشأن إقبال القراء على الإصدارات الواردة باللغة العربية فقط دون الفرنسية.
- تراجع الدينار ساهم في ارتفاع ثمن الكتاب
ولاحظ الاهتمام اللافت للتونسيين بقراءة كل ما يهم الشأن السياسي والاقتصادي والوطني والإقليمي والدولي، لكنه ختم حديثه قائلا بمرارة إن الكتب المستوردة وخاصة المتعلقة بسِيَر السياسيين والتحاليل الجيوسياسية وغيرها لم تعد في المتناول بسبب التدهور الكبير لقيمة الدينار التونسي، مما ساهم في ارتفاع ثمن كتاب الجيب الذي أصبح قرابة الأربعين دينارا، بعد أن كان في السابق لا يتجاوز 10 دنانير.
وأشار في هذا السياق إلى أن كتاب "Sortir du chaos: Les crises en Méditerranée et au Moyen-Orient " للكاتب "جيل كيبال"، على سبيل المثال، المعروض في المكتبات بثمن قدره 90 دينارا، لن يكون اقتناؤه أولوية بالنسبة إلى المواطن التونسي الذي يبحث عن المنتجات المفقودة ويعاني من ارتفاع المواد الغذائية الأساسية حتى لو أسلمنا بأن الكتاب غذاء للعقل وللروح.

* هذا العمل من إنجاز ريم قاسم ولسعد المحمودي وحنان شعبان.
وات
مشاركة
الرجوع