• أخبار
  • وطنية
  • 2017/02/08 16:50

حادثة "رضيع مستشفى فرحات حشّاد" : الطبيب ليس مقدّسا و الإعلام ليس شيْطانا ..

حادثة
تابعنا حادثة وفاة الرضيع بمستشفى فرحات حشّاد منذ انطلاقها يوم 4 فيفري 2017 باتصال هاتفي لعمّ الرضيع الذي أطلعنا على روايته و كنّا أوّل من كشف تفاصيل الواقعة بكل حيثياتها واستنادا على شهادة الأب و ممثلي سلطة الإشراف في الجهة.

رحلة البحث عن المعلومة
و حرصا منّا على التثبّت من صحّة المعلومة و دقتهّا تنقّل فريق صحفي على عين المكان أين تحصّل على تسجيلات و وثائق لا تدع أيّ مجالا للشك فيما نشرنا و فيما قلنا، فتمّت معاينة الوجود الأمني المكثف فيما قوبل في مرحلة أولى طلب موفد الأخبار فضلوني يعيش التوضيح و إنارة الرأي العام بالتفاصيل، برفض رئيس القسم الإدلاء بأيّ تصريح دون الحصول على ترخيص للغرض، فحاولنا الاتصال بمَن يمثّل سلطة الإشراف في الجهة لسماع رواية الطرف الآخر، لكن باءت كل المحاولات بالفشل إلى حدّ تلك اللحظة.
ومع تسليط الأضواء على هذا الملف الحسّاس عبر وسائل إعلام أخرى، أثيرت حفيظة طيْف كبير من الأطبّاء و مُناصريهم، فشنّوا حملة تعليقات و اتهامات بالتزوير و المغالطة وصلت حدّ التهديد بالمقاطعة، فكانت في المقابل ردّة فعل الإعلاميين، فأصبح التشنج من هذا الفصيل أو ذاك السمة الأبرز في التعاطي مع هذا الملف إلى أن تحصّلنا على ردّ مدير المستشفى بالنيابة و تتالت بعدها التصريحات.

تحوّل الموضوع إلى "قضية رأي عام"
وسائل الإعلام تعاملت مع القضية كمادة إخبارية دسمة و نقل البعض منها تفاصيل الخبر حرفيا عن موقعنا فتحوّل الموضوع في ساعات قليلة إلى قضية رأي عام، تعددّت فيها الأطراف و امتزجت فيها المواقف بين مناصر للجهاز الطبّي و وَضْع الطبيب موضع "المقدّس" و بيْن مندّد بواقع المستشفيات العمومية و الخاصة و حالة الإهمال و اللامبالاة حسب تقديرهم، خاصة و أنّ "حادثة وفاة الطفلة تقوى" في سوسة لم يفصلها عن هذه الحادثة سوى أيام معدودة و ما رافقها من جدل إعلامي جعل وسائل الإعلام محلّ "شيْطنة" و اتهامٍ باستهداف قطاع بعيْنه، ثمّ ارتفع منسوب التوّتر إلى أعلى مستوياته بين الأطبّاء و الإعلام، بإيقاف الطبيبة المقيمة، التي أشرفت على الحالة الصحيّة للرضيع مؤقتا، على ذمة تحقيق قضائي فُتح للغرض.

الطبيب في قفص الاتهام إلاّ إذا..
لن نعود لتفاصيل الحادثة و لن نحمّل المسؤولية لطرف أو نُصدر حُكْمَ براءة لصالح طرف آخر، خاصة و أنّ التحقيق في القضية جارٍ ولم يقل القضاء كلمته الأخيرة، لكنّ عددا من الأطباء و المتابعين عن قرب لهذا الملف من رجال القانون الذين كانت لنا معهم فرصة لتبادل وجهات النظر بعيدا عن المشاحنات و التجاذبات أجمعوا على أنّ الخطأ وارد و الطبيب ليس معصوما من اقتراف "الخطأ الطبي"، غير أنّ الإطار التشريعي في بلادنا هو مكمن الضُعف و أصل الداء في قضية الحال و غيرها، فالطبيب يتعرّض يوميا لمواقف يكون فيها مسؤولا عن "حياة ذات بشرية" فيحاول بكل ما اكتسبه من علم و معرفة و خبرة إنقاذها، فإن نجح في هذه "المهّمة" لاقى الشكر و الثناء على التفاني في أداء واجبه، و إنْ فشل مَهْمَا اختلفت الأسباب و المُسببّات يجد نفسه في قفص الاتهام إماّ بتهمة الإهمال أو التقصير أو الخطأ الطبّي و كلها عنوانين لنتيجة واحدة.

غياب قانون يحمي الأطباء أصل الداء
في هذا الإطار طالبت الهياكل الطبيّة السلطة القضائيّة و النّيابة العموميّة من جهة ، بالأخذ بعين الإعتبار خصوصيّة المهن الطبيّة عند تطبيقها للمجلّة الجزائيّة إلى حين سنّ قانون المسؤولية الطبية و طالبت من جهة أخرى بالتسريع بإحالة هذا القانون على أنظار مجلس نواب الشعب في غضون شهر و الاستعجال بالبت فيه و المصادقة عليه، وهي خطوة مهمة معمولٌ بها في معظم الدول المتقدّمة،و يرى المراقبون أنّها ستضع حدّا لـ"حرب التراشق بالتهم" بيْن الطبيب و المريض و ستُعيد للطبيب اعتباره و للمريض حقّه و ستنأى بالبلاد و العباد عن تجاذبات و مشاحنات في قطاع حسّاس و حيوي، لكنّه يحتضر بشهادة العاملين فيه رغم جرعات الأكسجين و الأدرنالين التي تُضخّ في جسمه الهزيل و المطلوب اليوم، إجراءُ "عملية عاجلة و دقيقة" لاستئصال الأورام الخبيثة التي يعاني منها قطاع الصحّة خاصة و البلاد عامة .    

                                                                                 أشرف بن عبد السلام             

مشاركة
الرجوع