• أخبار
  • مقال رأي
  • 2016/11/14 11:41

خمارة القطّ الأبيض

خمارة القطّ الأبيض
بقلم سعد برغل

"ترامب"، اسم كان إلى زمن قريب لا يعني شيئا لعموم التونسيين والعرب، لكنه اليوم أصبح أشهر اسم لا لأنه فقط رئيس الولايات المتحدة الأمريكية المنتخب، 

بل لعدّة أسباب أخرى ربما يكون العامل الدوليّ أهمّ هذه الأسباب، فبانتخابه ظهرت إشكالات دوليّة جديدة، كان الناس يتصوّرون أنّنا تجاوزناها مع تراكم التجارب الانسانيّة، لكن انتخاب هذا الرّأسمالي المدعوم بماكينة ماليّة ومشاريع عقاريّة شخصيّة يطرح إشكالات مهمّة على الفكر الديمقرطيّ وسأكتفي ببعضها فقد تغيب عنّي معطيات كثيرة:

"ترامب" رئيس رشّحته صناديق الاقتراع واختارته أغلبية الأمريكيين رئيسا، ولكن كثيرا من الغاضبين من أنصار "هيلاري كلينتون" نزلوا إلى الشوارع معبّرين عن عدم رضاهم ومطالبين بعدم الاعتراف بهذا الانتخاب، في دولة ومع شعب عانينا منه الويلات سنوات ومن مقولة " الاختيار للشعب" وضرورة "احترام صناديق الاقتراع" بل إنّ هيلاري مهندسة إسقاط الحكّام العرب كانت قد صرخت منذ سنوات بضرورة إسقاط بشار الأسد الرئيس السوري المنتخب، ولا نعرف إلى حدّ الآن أسباب سخرية الزمن في أفقه السياسي؛ فقد رحل كلّ من نادى بإسقاط الأسد وبقي" الأسد" واليوم نجد بالبلاتوهات الأمريكيّة منظّري الديمقراطية الليبراليّة من أنصار "كلينتون" وعلى رأسهم رئيس الولايات الأمريكيّة الحاليّ يتحدّث عن إمكانية تعارض رغبة الشعب مع مصالح الشعب، لا نفهم ما نوع هذه الديمقراطية التي تبرّر قتل متظاهر أمريكيّ على جسر وتطالب بأقصى العقوبات على دول أخرى لأنّ البوليس منع تظاهرة بلا ترخيص.

"ترامب" نجح بفضل فريق عمل من الاستراتجيين مكّنه من الاعتماد على الكثير من الشعارات السياسيّة التي لفتّ حوله الأمريكيين مثل إحياء النعرة الوطنيّة، فصرخ في تجمعاته ضد المهاجرين، وتوعّدهم، وضدّ المسلمين وتوعّدهم ، ولم يتوان عن الكلام بصوت عال أنّ مصالح أمريكا فوق كلّ اعتبار ومن أراد صداقتها وحمايتها فعليه لأن يدفع لأمريكا، وهو أمر يعرفه الكثير وعلى رأسهم الحكام العرب الذين دفعوا فاتورة الحرب على العراق ويدفعون الآن فاتورة" تحرير العراق" وفاتورة تقتيل اليمنيين وفاتورة إسقاط سورية لا بشّار، معادلة كانت خفيّة لتحريك مصانع الأسلحة وتطوير قدرات الطائرات بلا طيّار، كانت "ترامب؟ رئيس جديد للولايات المتحدة الامريكيّة يصرّح في أوّل حوار صحفي ليس لنا مشكل مع الأسد فهو يحارب معنا الدواعش، وبهذا ينضم إلى الموقف الروسي وهو ما يعني بالضرورة انعكاسا على واقع الحرب بسورية لذلك تسارعت وتيرة استرداد حلب وانعكس آليا على الحرب بالعراق فقد بقيت فقط بعض جيوب بالموصل، يبقى السؤال في هذا ؛ كيف سينعكس هذا الموقف على العلاقات الاخوانيّة الأمريكيّة؟ كلّنا يعرف أن مسودّة مشروع في رفوف الإدارة الأمريكيّة تقضي بتصنيف الإخوان حركة إرهابيّة، واليوم قد ينفض عنها فريق "ترامب" الغبار فمصلحة أمريكا فوق كل مصالح العالم مجتمعة، ومرحلة الإخوان طواها الزمن ولفظتها الشعوب العربية ، وباع الإخوان كلّ ما يمكنهم ببيعه للأمريكان، ولم يبق أمامهم سوى أرصدتهم التي نهبوها وأودعوها بمصارف أمريكا وسويسرا، ولم يبق من تحالف" أصدقاء سورية" سوى بعض المزاطيل وبعض الدراويش الذين التحقوا بركاب الوهابيّة وغيّروا تجارتهم من بيع الوطن إلى بيع أبناء الوطن.

"ترامب" من باب السخرية على العقل العربي، يقول سي العجمي،  لنقل "كهل" حتى لا يغضب، "ترامب" من أمّ مدفونة بمقبرة بالمكنين، سخرية تكشف ولعنا العرب بإرجاع كلّ قويّ إلينا ولو من باب الكذب، فقد سمعنا نفس النغمة عن أوباما المسلم، وسمعناها عن مشاهير ذكرت المواقع أنهم أسلموا، كأننا أمّة تفتقد إلى كلّ القوة قي الواقع فتسرح بعيدا بالخيال، أمّة تتكاذب وتعرف أنها تتكاذب ولكنها تواصل تكاذبها، ترامب سيقلب معادلات ونحن لا نعرف مصيرنا معه، والله يحسّن العاقبة على قول أمي رحمها الله.


ملاحظة المحرّر: هذا التقرير هو مقال رأي، يعبّر عن رأي كاتبه وغير ملزم لـ "جوهرة أف أم" ولا تتحمل مسؤولية ما جاء في المقال. 

مشاركة
الرجوع