• أخبار
  • مقال رأي
  • 2015/11/23 14:42

دواحس دواعش

دواحس دواعش

بقلم سعد برغل

هناك أربعة احتمالات في تلقّي ما  أعتزم كتابته اليوم بهذا الموقع الإخباري ولتطمئنّ نفوسكم منذ البداية فأنا لن أكتب عن المقدسات مهما كان نوعها بدءا بالنّصوص المقدّسة والفضاءات المقدسّة والعتبات المقّدسة والسياسيين المقدّسين والشيوخ قدّس الله سرّهم والنوّاب حفظ الله سرّهم،

ولن أكتب في الثالوث المحرّم فلن أتحدث عن المسرحيات التي يبرع فيها المحامي عبد الفتاح مورو كلْما أرادت النهضة توطيد علاقتها بالوجه السمح للمدنيّة، ولن أتحدّث في مسلسل اللخمي و الجوادي الذي يطالب بحقّه في إمامة الناس المتصايحين" الإسلام في خطر"  كأنّ تقتيل المسلمين بفرنسا وبمالي وبسوريا وبليبيا وبجبالنا لا علاقة له بشعارات يكرّرها الإخوان منذ حبرهم الأكبر في الثلاثينات وكأنّ هذا التقتيل لم ينل من عزائم المصلّين الرافضين لغير إمامة الجوّادي.

 لن  أتحدّث في الجنس محرّك النعرات والتفجيرات والجري وراء العين، مسلمون مولعون بالتفخيذ وزواج المسيار وزواج المتعة والزواج العرفي وبمن ملكت أيمانهم وبالمثنى والثلاثى والرّباعى، ، ويستغرب المتفرّجون ما تبثّه بعض القنوات الخاصّة من مشاكل اجتماعية مرتبطة بالاغتصاب والزواج على غير الصّيغ القانونية ولن أتحدّث عن السياسة طبعا فقد مللناها كما ملّنا زبون الحلاّق الذي  يقول نصّ بديع فيه " لكثرة ما سمع من ثرثرة الحلاّق حول الروس والفرنسيين، قذف بالميدعة لاعنا السياسة والسياسيين والروس أجمعين" ونحن اليوم لفظناهم، لعنّاهم، رفضناهم، تحاشيناهم فلا حاجة لتونس بسياسيّ الوقت الضائع، سياسيّون يشهدون موت ناخبيهم ويكتفون بالخصومات في أفخم النّزل مهدّدين بالانسحاب في زمن فارق ناخبوهم الحياة ، نوّاب بلا حياء.

لو استثنينا إذن الثالوث المحرّم الذي  يمنع الكاتب من الكتابة فيه والمحلّل من الخوض فيه، قد يبقى لنا وللجهابذة أمثالي حصان رابح ربحا لاحدّ له يمكن لكلّ من أراد الادّعاء والتحليل والتحليق والمبادرة والاقتراح والتنديد والرفض والتثمين والقبول والتنبيه و التطاوس والتباهي والتفاخر والتسلطن ، يمكنه أن يتحدّث فيه، إنّه الموضوع الذي لا خوف على البلد من الحديث فيه، موضوع يمكن للكلّ أن يدّعي أنّه عرّيف، وأنّه مختصّ في اللإسلاميات وفي الفرق الناجية ومختصّ في الحركات السلفيّة بجبال تورا بورا، موضوع  الحقّ للكلّ من لا علم له أن يتحدّث فيه حيث الواثق المطالب وزارتي الداخليّة والدفاع احترام مواقفه النافذة، وقد تبلغ الدعوات  حدّ مطالبة هذه الجهات بانتداب هذه الخبرات – الكوارث اللغوية للعمل بصفتهم خبراء استراتيجيين، من حامل لإجازة العربية وآدابها، وقِف انتهى، وحامل لإجازة في علم الاجتماع مع قف انتهى، وحامل لشهادة في الفلسفة مع قف انتهى، صدعوا رؤسنا بأنهم خبراء في الشأن السّلفي، وبعضهم شربت معه ماء وقهوة سنوات قبل أن أنتبه ذات ليلة أن صاحبي بالتلفاز بصفته خبيرا.

قلت إذن ، بعد هذه المقْدمة الطويلة والضّرورية حتى يطمئن القارئ أني لن أتطاول على أحد ، قلت لقد حيّرني باحث مغربيّ نشر تغريدة على حسابه الاجتماعيّ، قال قولا صدمني هذا المغربيّ الباحث ، قال بعد أن نبّه إلى أنّه متعاطف مع الفرنسيين والماليين والتونسيين والليبيّين، وكلّ ضحايا التديّن السياسي سواء أكان مسيحيا أو اسلاميّا أو يهوديّا فالتديّن السياسيّ في القتل واحد، قال الباحث" وماذا لوكانت جينات الدعوة إلى القتل موجودة في القرآن ذاته؟"، وأضاف؛ عونا القرآن إلى قتل الكافر والمرتدّ، والغرب كافر عند الجماعة و نحن مرتدّون عن الجماعة، ويأمر القرآن بقتل الطاغوت، والأمن والجيش طاغوت؟

ويضيف الباحث المغربي، بماذا نفسّر اقاتل المسلمين أربعة شر قرنا كادوا يبيدون بعضهم بعضا بدءا بالمسلمين الأوائل من الصحابة والتابعين، وتحليلا لسلسة الغزوات التي نفر فيها المسلمون وقتلوا كلّ المخالفين للإسلام باسم الكفر وقتلوا القبائل الذين امتنعوا عن مبايعة الخليفة الأوّل أبا بكر الصدّيق باسم الردّة، وتوالت سلسلة التقتيل الفظيع للمسلم بسيف المسلم، وتشهد اليوم حوادث نعتبرها فظاعات من نوع حرق الدواعش للأسرى وهو إجراء تعرفه الثقافة الإسلاميّة، ومن نوع قتل أخيه المسلم لاختلاف في المذهب، فكم من شيعة قتلوا سنة وكم من خوارج قتلوا روافض وكم من أباضيّة أبادوا مالكيين، جينات القتل نبتت في الثقافة الإسلاميّة منذ سلّ الأنصار سيوفهم ضدّ المهاجرين بسقيفة بني ساعدة.

احتمالات أربعة لتلقيّ هذا المقال، أوّلها م نشره لأنّه يمسّ بالمقدّسات ، رغم مقدمتي الطويلة عن حسن النية، واحتمال ثان هو لعني واعتباري ممّن يسيؤون للإسلام فيظرف يتعرّض فيه للحرب من الكفّار ، وثالث الاحتمالات أن يجد قرّاء تحرّكهم الرغبّة في التساؤل عن مصير "إسلام" يقتل غيره ليعيش هو، ورابع الاحتمالات ألاّ يقرأ القارئ المقال ويكتفي بالعنوان.

لكلّ هذه الاحتمالات الأربعة أقول : أعدّوا ما استطعتهم من فطر ومن مقاربات وانتبهوا فهم يسحبون منكم أبناءكم وتيقّظوا فبول البعير يأتيكم في البوارج والطائرات ومعلّب في أحدث المصانع الغربيّة، احذروا وحاذروا يوم يحرج الإرهاب من الجبال إلى المدن، ومن المدن إلى منازلنا، عندها سيكون للقراء احتمال خامس: منع القراءة والتفكير لأنَّها تتعارض مع "الإسلام".

مشاركة
الرجوع