- أخبار
- مجتمع
- 2024/01/28 10:51
زوج برتبة "قاتل" .... حين يتلوّن الفستان الأبيض بالأحمر

وأنت تنظر لصورهما المشتركة التي إختارا عرضها على حسابيهما ب"الفايسبوك" " لا يخطر في بالك قطّ " أن هذه القصّة قد تنهي بمأساة وأن الزوج الذي يبدو داعما ، محبّا وسعيدا بزوجته قد يُقدم على طعنها 20 مرّة ، فكل شي في "فضائهما الأزرق" يوحي بالتوافق والحبّ ولن يتبادر لذهن أي كان أن الفعل يدور في فلك الوجع والعنف.
"نرجس بن يدر "، تونسية قُتلت على يد زوجها بمنطقة Pointe-aux-Trembles ، في مدينة مونتريال الكندية ،في "مأساة " جديدة ، حيث قرّرت " بموتها " الخروج من حالة الصمت لتروي للحضور أوجاعا لطالما أرهقت "النساء " في شكل دراما سردية لحيثيات اجتماعية أوغلت في تعرية الإكراهات التي تتجرّعها المرأة من إضطهاد وعنف واستبداد واستعباد تحت غطاء العقليات والموروث والقيم وفي ظلّ صمت اجتماعي رهيب عن انتهاكات أصبحت معها هذه الجرائم كاشفة للمستور ومحفّزا للدفاع المستميت ضدّ العنف المسلّط على المرأة.
تشبه قصّة "نرجس" في بعض تفاصيلها قصص نساء كثُر دفعن حياتهن ثمنا لإختيار خاطئ على يد أزواج تمّردوا على القانون والشرع ، نساء قرّرن يوما ما أن يشاركن "ذكرا" أحلامهن فمنحنه قلوبهن، ولم يكن ليتبادر لذهنهن أنهن سيموتون على يده.
بين مثالية القانون وبشاعة الواقع :
يكتفي القانون عدد 58 لسنة 2017 المتعلّق بالقضاء على العنف ضدّ المرأة بتعريف العنف على أنّه "كلّ إعتداء مادّي أو معنوي أو جنسي أو اقتصادي ضدّ المرأة أساسه التمييز بسبب الجنس والذي يتسبّب في إيذاء أو ألم أو ضرر جسدي أو نفسي أو جنسي أو اقتصادي للمرأة ويشمل أيضا التهديد بهذا الإعتداء أو الضغط أو الحرمان من الحقوق والحرّيات سواء في الحياة العامّة أو الخاصّة". و في إحصائية جاءت بعد دخول القانون حيّز النفاذ، بيّنت ارتفاع نسبة العنف مما يؤكد أن القانون لا يمكن أن يكون الحلّ الوحيد.
أرقام مفزعة :
وفق دراسة بعنوان "جرد لجرائم قتل النساء في تونس" (صدرت في 2022) ، تمثّل جرائم قتل النساء ، تعبيرا عن مجتمع غير متكافئ وترتبط بالطريقة التي ينظر مرتكبوها إلى النساء. وتظهر الإحصائيّات، أنّ أغلب حالات العنف ضدّ النساء يُمارسها الأزواج بدرجة أولى ومن ثمّ أحد أفراد العائلة ( الأب، الأخ ، الإبن ).وكشف تقرير لوزارة المرأة لرصد الخصائص الإجتماعيّة والإقتصاديّة للنساء ضحايا جرائم القتل ولملامح القائمين بالجريمة خلال الفترة الممتدّة بين جانفي 2018 و30 جوان 2023، عن أن عدد جرائم قتل النّساء قد تضاعف أربع مرّات خلال تلك الفترة، حيث بلغ 23 جريمة قتل إلى حدود السّداسي الأوّل من سنة 2023 مقابل 6 جرائم قتل للنّساء سنة 2018.
ويعتبر المختص في علم الإجتماع سامي نصر، في حديثه للجوهرة أف أم ، أنه لا يمكن فهم ظاهرة تفاقم " جرائم قتل النساء" بمعزل عن ظواهر أخرى مرتبطة بيها تتعلّق أساسا بالجرائم العنفية ، حيث لم يعد "العنف " في المجتمع مجرّد سلوك منعزل بل تتطوّر إلى ثقافة وعقلية عُرفية.
وأضاف نصر،أنه عادة ما يكون ضحيّة العنف هو الطرف المقدور عليه (نظرية الفرص المتاحة ) ، وفي ظلّ وجود عقلية "النظرة الدونية للمرأة " ، بات من الواضح أن العنف مبني على النوع الإجتماعي حيث أعطى المجتمع شرعية ممارسة العنف عليها حتى إلى درجة قتلها ،على أساس أنها كائن ضعيف .
وأشار المختصّ في علم الإجتماع، إلى أنّ للعنف 3 درجات : العنف الإنفعالي ، العنف التعبيري ، والعنف الوسيلي وجميعها يمكن أن تؤدي للقتل.
وفي كتاب نشره مجموعة من الأطباء النفسانيين بجامعة أكسفورد تحت عنوان "باسم الحب: التفكير الرومانسي وضحاياه"، يشير الأطباء إلى أن التفسيرات السائدة لقتل الرجل لزوجته، دائمًا ما تشير إلى التملك الذكوري والغيرة، أو تطور طبيعي للسلوك العنيف للزوج، والذي يكون قد استمر فترة طويلة في الماضي، ولكن النظرية التي يطرحها هذا الكتاب أن هناك دافعًا آخر وهو الحب.
ويوضّح الكتاب أن النظرية المطروحة، لا تنفي العنف الذكوري المتجسّد في قتل الزوجة، ولكنها تناقش أن هناك دافعًا نفسيا آخر وراء القتل، مؤكدين أن الحب واليأس قد يدفعان طرفًا في العلاقة، لقتل الطرف الآخر وتدميره حتى لو كان في ذلك تدميرا لنفسه أيضا.