• أخبار
  • مقال رأي
  • 2015/04/10 10:14

سواك حارّ لكنّه ضروريّ

سواك حارّ لكنّه ضروريّ

بقلم سعد برغل

بعدد ضحكات الصبايا بشارع الحبيب بورقيبة أيّام الفرح الوطني، وبعدد اللابسات الملتحفات العلم الوطني أيّام زهونا، بعدد عصافير باب بحر، بعدد الحناجز التي شدت ذات رابع عشر نموت نموت ويحيا الوطن من بنزرت لبنقردان، بعدد صرخات الثكالى وهطل دمع أمهات الجنود المغتالين، بعدد حسرة بنات شكري وتهديدات أبناء البراهمي، بعدد من سقط بليل المنفى التونسي الجديد ما بعد 14، بعدد المثقفين الذين أسقطوا عنهم جنسياتهم، بعدد تنهد المبدعين الذين استلّوا في وجوهم سيوفا وخناجر وأعدّوا لهم ما استطاعوا من قوّة ورباط خيل، بعدد كلّ هؤلاء نطرح من جديد سؤال ما بعد 14 جانفي.
كيف يحدث بتونس اليوم، ماحدث منذ أسبوع، ويحدث بتونس اليوم ما حدث قبل شهرين، ويحدث اليوم ما حدث قبل سنة، ويحدث اليوم ما حدث منذ أربع سنوات، لماذا بدأنا بشكري وهانحن اليوم نفقد في الأسبوع عددا من جنودنا؟ لماذا؟ ما الذي حدث؟ ما الذي يحدث؟ أين يكمن الخلل؟ لماذا استشرنا خبراء في الأمن الشامل لا يحملون شهادة على خبرتهم ؟ لماذا احترمنا تحاليل متطفّلين على الدّراسات الاستراتيجيّة بأموال عموميّة ولا نعرف لهم دراسة واحدة سعت إلى توفير إجابة، هدر للمال العام تحت مسمّيات مختلفة، لماذا استدعينا لتلفزاتنا متكلمين كُثر، يقولون ويقولون ويضيفون قولا ويحلّلون ويصمتون ويعودون إلى التّحليل، استهلكنا طاقة وفضائيّات وأموال وديكورات وصبغ شعر ومزيّنات ومزيّبن وسيّارات وبسمات واستضافات وكاميرات وتقنيّي إضاءة وبثّ ومونتاج وعناصر مسجّلة وبذلات رسميّة وتحدّثنا وأسهبنا وأضفنا وابتسمنا وضحكنا وبكينا وصرخنا وصمتنا وتنهدنا وخفضنا البصر وطالبنا واعتصمنا وتزاورنا وكتبنا شعارات ورفعنا لافتات وتكاتفنا وتظاهرنا وتآزرنا وتساندنا وتكاتبنا وصرخنا عاليا بالفيسبوك" يموت الإرهاب" وكتبنا على حيطاننا الافتراضيّة" يموت الإرهاب" وأرسلنا عرائض" يسقط الإرهاب" و أمضينا عرائض " الموت للإرهاب" ولم يمت الإرهاب، ولم يتراجع الإرهاب ولم يخف الإرهاب ولم يغب الإرهاب ولم نقبر الإرهاب؟ ما الذي يحدث؟ أين يكمن الخلل؟ كنّا نتحدّث عن التسرّع في حلّ البوليس السّياسي، تقول الإشاعات المغرضة أنّه بتحريض من سهام بن سدرين لفرحات الراجحي، ها قد مرّت سنوات والبوليس السياسي كرجال استخبارات موجودون فما الذي حدث؟ قلنا إنّ الترويكا تساهلت مع الإرهاب وساندته وساعدته؟ واليوم رئيس منتخب ومجلس منتخب ووزير داخليّة لا علاقة له بالترويكا، فأين الخلل؟ قلنا، وقالت الألسن الخبيثة، وزارة الداخليّة مخترقة حكاية الأمن الموازي ودور الأشباح في المسألة، واليوم بعد سنوات أربع من 14 جانفي وبعد سنتين من الترويكا وما يناهز نصف السنة من انتخاب النداء ما الذي حدث، كنّا ننتظر استئصالا لداء الإرهاب في كلّ مظاهره : إرهاب الاغتيالات وإرهاب التكفير وإرهاب ترهيب الثقافة وغسل عقول الصغار بالمدارس القرآنية وانتصاب عملة الحضائر للحساب الخاصّ في محاضن صغار وانتصاب مقاول دهن واستحواذه على مدينة وجامع وإرهاب وزراء سابقين مكّنوا الإدارات من ملتحين يقاتلون بسوريا وتصرف المجموعة جراياتهم شهريّا، مقاتلون تونسيّون بالشام الأبيّ يرسلون لنا فيديوهات وعد ووعيد. ما الي حدث وما الذي يحدث ببلادنا كانت إلى حين تستمتع بشدو العصافير بباب بحر ونسمع تراتيل عشّاقها بجربة ونهتزّ راقصين على ايقاع طبول عبيد غبنتن بمدنين ونسير خلف مزمار قرقنة ونستمع إلى ماجورات قصر هلال، أين ذهبت تونسنا ولماذا ذهبت ومن المتسبّب في هذه الخسارة؟. رجاء من كلّ من يملك الإجابة، كلّها أو بعضنا ، أن يفيدني ،والله لا يضيع أجر المحسنين، اعتبروني "عيّل تايه" كما يقول المصريّون.
مشاركة
الرجوع