• أخبار
  • مقال رأي
  • 2013/12/24 16:03

شعر اليوم الأول. بقلم برنار بيفو. ترجمة : هدية الأيوبي

شعر اليوم الأول. بقلم برنار بيفو. ترجمة : هدية الأيوبي

" برنار بيفو يكتب عن منصف الوهايبي وفينوس خوري"

أيها القرّاء، لا تهربوا. ليس الشعر إحباطاً ولا وهماً. ليس لأنه مهملٌ من وسائل الإعلام لن تُكتب له الحياة. ولا يمنع كونه متواضعا – حتى لو لم يكن فخر الشعراء قد تناقص - وغالبا مغمورا، أن ينتج المزيد من الأعمال الباهرة

للشعر دائماً قراؤه. حتماً قد يكونون أقل من العصور الأكثر حماسة للهمس والغنائية، ولكنهم يشكلون مجتمعاً يتنافسُ فيه الفضول مع الحماسة. أنا واثق أن العديد من قرّاء جريدة الأحد سيجدونه أمرا واعداً حين يرون موضوعة الشعر في جريدتهم في اليوم الأول من العام. بداية، من خلال رجل، برونو دوسي، يطالب بحماسة بإرث الشاعر والناشر بيار سيجرز. لم يقف الأمر عند هذا الحد بل استلم ، لمدة أشهر، إدارة المنشورات التي تحمل اسم شقيقه البكر الشهير، ولكنه قام بإعداد الكاتالوج - سيرة مصوّرة حقيقة - عن المعرض  الذي أقيم بعنوان "بيار سيجرز-شعر، حياة كاملة"، في متحف مونبارناس.
برونو دوسي، شاعر أيضا، تجرأ –دون دعم مادي- على تأسيس دار نشر. من خلال كتب صغيرة أنيقة، ينشر لشعراء من أنحاء العالم، محاربون روحيون، غنائيّون بكتاباتهم. يقاومون الظلم من أي نوع ، يقاتلون من أجل الحرية ، ولديهم الموهبة. هكذا هو التونسي منصف الوهايبي في "لِيَصْمُتْ إذنْ كلُّ شيءٍ"* العمل الواحد والعشرين الصادر عن منشورات برونو دوسي. قصيدته "تمرين على كتابة يوم الجمعة 14 جانفي2011"، أول يوم من الثورة التونسية، أثارت فضيحة. لأنه كتب: "ليصمتْ إذنْ كلُّ شيءٍ هنا
"هذه الجُمعَهْ
أغاني الرّعاهْ
أذانُ الصلاةْ
قلْ لهمْ: لا تُصلّوا
ولا تقرؤوا الفاتحهْ
هذه الجُمُعهْ."

   رفض للإسلام؟ بالطبع لا. أراد أن يقول بالأحرى: عندما يكتم التاريخ أنفاسه ثم يتبدل، لماذا لا يكون الله مع الإنسان في الصمت؟  نهاية هذه القصيدة الطويلة رهيبة." فاسمعُوا
"هوَ ذا وقـْعُ أقدامهِ.. الطاغيهْ
وهْو يرحلُ.. أو وهْو يهربُ..
أو وهْو يمضي إلى حيثُ يمضي
سريعا بطيئا..سريعا.. بطيئا..بطيئا
لِيرقدَ في جثةٍ خاويهْ".


إن كان منصف الوهايبي اكتشافاً ، فإن فينوس خوري غاتا شاعرة معروفة. ستستلم في بداية يناير جائزة جونكور عم مجمل أعمالها التي أضيف إليها مؤخراً ديوان شعر:"إلى أين تذهب الأشجار؟".الزيزفون، الصفصاف، الدردار،الفراولة، الجميز، القيقب، السنديان، التين، الكينا، السرو، الكستناء، وجميع أشجارالغابات في لبنان، هي أيضا ضحايا حرب خمسة عشر عاما، يحتفي بها الديوان حيث نسمع الريح تغور بين الكلمات. الأشجار مقاومة أو عابرة، متحدة أو ربما بلا ملامح، بعضها له أسماء صعبة اللفظ وبعضها جزء من العائلة. العائلة حاضرة بقوة، من خلال وجوه بارزة للأم، الأب، الأولاد، الحديقة، المدرسة، الكتب...

فينوس خوري غاتا، الفرنسية-اللبنانية، لا يمكن أن ننسى في شعرها أنها روائية. " يولد الأطفال على حافة الفصول/لهم أكتاف الساقية العريضة: الرموش المتشابكة للغار العنيد/تحمّمنهم النساء في أحواض المدى البعيد/يفركنهم بالبخور رغم انعدام المشاعر". تجيد فينوس خوري غاتا إضفاء العاطفة والشهوة إلى الأشياء، والحركة إلى العدم." هل سيأتي يوم تقول فيه الحجارة ما يثقل على قلبها" ؛ "كيف نفسر ملل النوافذ إزاء المشهد نفسه؟"؛ ملعونة الجدران التي لا تعرف أن تحتفظ بالأطفال"؛ " لمن ستكون الكلمة الأخيرة، للإنسان أم للشجرة؟

مشاركة
الرجوع