• أخبار
  • مقال رأي
  • 2016/06/02 15:12

عيطة وشهود

عيطة وشهود

بقلم سعد برغل

 لن أنتظر الكثير ما سيسفر عنه المؤتمر العاشر لحركة النهضة الإسلامية، أو كما يحلو لليسار التونسي تسميتها بحركة فرع الإخوان المسلمين بتونس، 

ودون أن أدخل في جدل عقيم يرى أصحابه أنّ الحركات الدينيّة مهنا كانت مرجعياتها واختلافاتها لا يمكنها بحكم مركزيّة المستند الدينيّ أن تتطوّر لأنّها تعتمد عقلا بنى أطروحاته على مسلّمات عمدتها المطلق والخالد والأزليّ، ومن يريد أن يتطوّر عليه أن يكون مالكا لمبدأ النسبيّة ومقتنعا أنّ الحقيقة ليست واحدة، وهو أمر بينه وبين المتديّنين على اختلاف نحلهم ومللهم سنوات ضوئيّة أقلّ عددها أربعة عشر قرنا من التقاتل البيني مسلم – مسلم.

انتظرت طبعا كما انتظر كثير من المحلّلين ما كنّا نعرف من زمان، تلك الصيحات المبشّرة بفصل السياسيّ  عن الدّعويّ، صرخات أطلقها منذ زمان من يصنّفه البعض ضمن حمائم النهضة بمقابل صقورها الرّافضين إلى فصل السيّاسيّ عن الدّعويّ، وسمعت تصريحات لبعض الحمائم، فاكتشفت من باب الصدفة المرّة أنّ حبيب اللوز مثلا من دعاة فصل السياسيّ عن الدّعويّ، طبعا السيد حبيب وهو من هو في دعواته إلى الجهاد بسوريّة وتكفير الخصوم السياسيّين، وإنْ نفى لاحقا ماهو موثّق، واللوز صاحب البشارة لأهالي سليانة الذين رحِمهم الإخوان بالرّش وكان عليهم أن يحمدوا الله أنّ الإخوان لم يطلقوا الرّصاص الحيّ، ولم يطبّقوا ما طالب به نائبهم من اعتماد آية الحراب.

الحاصل أنّ ارتباكا أصابني: ما معنى فصل السياسيّ عن الدّعوي؟ ولماذا لم تسارع إليه النهضة منذ حصولها على التأشيرة؟ لماذا تركت كلّ هذا الوقت؟ ما الذي تغيّر في العالم؟ في رأس الغنوشي وفي سلح شارع الحبيب بورقيبة؟ وفي اغتيال بلعيد والابراهمي ونقّض؟ ما الذي تغيّر حتى أصبح الصقور حمائم؟ ومتى سيعودونإلى أصلهم الرّافض لفصل السياسي عن الدعوي بما يعنيه من "حرمانهم" من الملكية الحصرية للإسلام والتكلّم باسمه والنّطق باسم الله واستثمار المساجد والملاعب لصلوات العيد الاستعراضيّة التي نصب فيها إمام منبره فوق بحر قليبية من باب التهريج الديني الذي جمع فيه للغرض أموالا طائلة؟ما الذي تغيّر حتى أضحى النهضاويّون يهللون للمليارات التي صرفوها من أجل الإبهار الاستعراضيّ والاخراج المشهيّ؛ أليس المبذّرون إخوان الشياطين؟.

أبذل مالا كثيرا لمن يمكنه أن يُفهمني انشطاريّة العقل التونسي: يهللّون لهذا المنجز التاريخي ويتدافعون على المنابر يسوّقون تجديد الحركة وتطوّرها، فها هي قد أقرّت مبدأ فصل الدعويّ عن السياسيّ، طيّب، جميل، حلو، رائع، ممتع، واضح، مفهوم: أهل السياسة من النهضة يخطبون بالمنابر السياسيّة، وأهل الدعوة من النهضة سيخطبون بالمساجد والجوامع والمقابر وسينصبون؛ كما فعل أنصار الشريعة؛ خيامهم بالأسواق الأسبوعيّة وقرب المعاهد.

أهل السياسة من النهضاويّين سيطالبون إلحاحا بمدنية الدولة وعلوية الدستور والتشريع المدني، حلو، وأهل الدعوة من النهضة سيسبّون العلمانيين الذين يطالبون بمدنيّة الدولة، وسيلعنون الدّاعين إلى احترام علويّة الدستور،وسيطالبون بتطبيق الشريعة وقطع يد السارق ورجم الزاني والزانيّة وتعدد الزوجات والعودة إلى العبوديّة وسوق النخاسة .....

أهب ما تبقّى من العمر وأفهم: لماذا يبشّرنا النهضاويّون بفتح كبير: فصل السياسيّ عن الدعويّ، وها قد مرّت عقود على الإخوان منذ حبرهم الأكبر حسن البنّا مرورا بمنظّر القتل "السيد قطب" بلوغا إلى مفتي الناتو"القرضاوي" وهم يسبّون العلمانيين صباحا مساء وكل صباح وكلّ مساء لأنهم يطالبون بفصل الدين عن الدولة، ما الفرق بين فصل السياسي عن الدعوي وفصل الدين عن الدولة؟.

مشاركة
الرجوع