- أخبار
- وطنية
- 2025/03/11 11:24
أجواء روحانية مميزة في جامع عقبة ابن نافع ( صور)

مع حلول شهر رمضان المبارك، يتحوّل جامع عقبة بن نافع في القيروان إلى قبلة للمصلّين الذين يفدون إليه من مختلف الجهات لأداء الصلوات في أجواء روحانية نادرة، مستلهمين من عراقة المكان وقدسيّته. وما إن يحلّ وقت الغروب حتى تبدأ حركة المصلّين في التوافد، حيث يشهد الجامع ازدحامًا كبيرًا خاصةً قبيل صلاة العشاء وصلاة التراويح.
درس العشاء: نفحات من العلم والإيمان
قبل صلاة العشاء، يجتمع المصلّون في رحاب الجامع العريق، حيث يُقدَّم درس ديني يلقيه أحد العلماء أو الشيوخ، متناولًا مواضيع متعلقة بالصيام وأحكامه، وأخلاقيات المسلم في رمضان، وقصصًا من السيرة النبوية. يُنصت الجميع بخشوع، رجالًا وشبابًا، وأحيانًا تراهم يدونون الملاحظات أو يطرحون الأسئلة على الشيخ بعد انتهاء الدرس.
جامع عقبة: عظمة المعمار وعبق التاريخ
يعتبر جامع عقبة بن نافع تحفة معمارية إسلامية بامتياز، وهو من أقدم المساجد في العالم الإسلامي، حيث يعود تأسيسه إلى عام 50 هـ. تبرز في ساحته الرحبة الأعمدة الرخامية الشاهقة والأقواس المزخرفة التي تضفي على المكان هيبةً خاصة. أما السجاد المفروش داخل قاعة الصلاة، فهو مصنوع بعناية، ويعكس تراث الحرفيين التونسيين، إذ يضفي بألوانه الهادئة أجواءً من السكينة والخشوع.
أما المنبر الخشبي، فهو تحفة فنية نادرة، يعود إلى العصر الفاطمي، محفور بدقة ومزين بزخارف هندسية متقنة، ويعدّ من أقدم المنابر في العالم الإسلامي. وبجانب المنبر، تتلألأ المحراب بنقوشه الفريدة التي تحكي قرونًا من الإبداع المعماري الإسلامي.
أما المئذنة، أو الصومعة كما يسميها أهل القيروان، فهي شامخة بارتفاعها الذي يتجاوز 30 مترًا، وتُعتبر نموذجًا فريدًا في تاريخ العمارة الإسلامية، حيث تتكون من ثلاث طبقات مبنية بالحجارة الكلسية، مما يمنحها صلابة ومهابة عبر العصور. ومع رفع الأذان من على شرفتها، يتردد الصوت في أرجاء المدينة، داعيًا المؤمنين إلى الصلاة في مشهد يملأ القلوب سكينةً وإجلالًا.
التراويح: روحانية تغمر الأجواء
مع إقامة صلاة التراويح، يعمّ المسجد جوٌّ من الخشوع، حيث تصدح آيات القرآن الكريم بصوت إمام جامع عقبة المميّز، فينصت المصلّون بتدبر وخضوع. تصطف الصفوف المنتظمة، وتمتلئ أروقة المسجد بالركع السجود، كبارًا وصغارًا، شبابًا وكهولًا، جميعهم يتوجهون إلى الله بالدعاء والابتهال.
بعد انتهاء الصلاة، يخرج المصلّون وأحاديث القرآن لا تزال ترن في آذانهم، يتبادلون الدعوات والأمنيات، ويتنفسون عبق التاريخ والروحانية في هذا المكان المبارك. ويبقى جامع عقبة بن نافع في رمضان ليس مجرد مسجد، بل مدرسة إيمانية تفيض بالبركة، وشاهدًا على عراقة القيروان وإرثها الإسلامي العظيم.
طارق الفوال



