• أخبار
  • مقال رأي
  • 2023/05/08 12:16

بالأمس رفقة ، وفاء ، مروى ، سعاد و اليوم صابرين ... و من العنف ما قتل؟

بالأمس رفقة ، وفاء  ، مروى ، سعاد و اليوم صابرين ... و من العنف ما قتل؟
الساعة تشير إلى التاسعة والربع من يوم ماطر أفتتح معه الأسبوع ، املة أن تكون أحداثه مفرحة ، فقلبي لم يعد قادرا على التحمّل ويكفيني ما إستقبلته الأسبوع الفارط من أخبار: العثور على جثة طفلة ملقاة على قارعة الطريق في القيروان ، إستئصال رحم إمرأة في الكاف ووفاة إمرأة في المنستير على يد زوجها بدعوى إخراج الجنّ .... ، ولا أخفيكم عديدة هي المرّات التي حاولت فيها إذا جلست لعملي أن أضغط على زرّ عقليّ يقنعني بأني لست بشرا وأني مجرّد مراقبة لما يحدث على هذه الأرض وناقلة للأخبار ، وكل هذه الأحداث لا تعنيني ، لكن كل المحاولات تبوء بالفشل فأنا في النهاية بشر، ولا أستطيع كبح صوت "الجندر" في داخلي إذا ما تعلّق الأمر ب"إمرأة "وأمنع نفسي من الكتابة حول ما ينتابني من فزع كلما سمعت أن إحداهنّ قٌتلت على يد ما يسمّى زوجها.


بالأمس اسمهنّ رفقة، وفاء ، مروى ، سعاد ...واليوم اسمها صابرين ، إمرأة ثلاثينية تقطن بمعتمدية كندار من ولاية سوسة ،  ذنبها الوحيد  ، أنها قررت يوما ما أن تشارك رجلا أحلامها فمنحته قلبها ، ولم يكن ليتبادر لذهنها أنها ستموت خنقا على يده حاملة في أحشائها جنينها ذو الخمسة أشهر وتاركة خلفها 4 أطفال .

"صابرين" وغيرها من بنات وطني كثيرات جميعهن نساء ربما لم يلتقين قط من قبل ولا علاقة تجمعهن  .. لكنّهن إشتركن في نفس المصير: القتل بدم بارد على يد زوج "وحش" لم يهتم مطلقا إلى كون الضحية "شريكته في الحياة"  ، وولئن إختلفت طرق القتل وتنوّعت  خنقا ، حرقا ، طعنا أو رميا بالرصاص فإن النتيجة واحدة والسبب الرئيسي السكوت على العنف في مجتمع يرى الطلاق "كارثة" ولا يعترف بالوجع المخفي خلف الأبواب الموصدة  تحت مسمّى " هنّي على روحك " و " اللّي صبرت دارها عمرت".


- أرقام مفزعة حول العنف ضدّ المرأة في تونس :

جريمة القتل التي راحت ضحيتها "صابرين" ليست الوحيدة ، ف"سعاد" التي تبلغ من العمر 43 عامًا هي الأخرى  ماتت خنقًا على يد زوجها ( 12 أفريل 2023") في إحدى معتمديات القيروان ، كذلك "مروى" خنقها زوجها في إحدى مدن المنستير ( 27 أفريل  2023 )بدعوى إخراج الجنّ وقبلهن رفقة ،وفاء  وما بينهنّ مبروكة وغيرهن الكثيرات .

وقد نشرت جمعية أصوات نساء ، بيانات لعدد جرائم قتل النساء في تونس منذ مستهلّ السنة الحالية 2023 وإلى غاية 15 من أفريل  الفارط، 9 جرائم قتل وقعت في عدة مناطق مختلفة من الجمهورية ، كانت ضحاياها كلها نساء  و اختلفت طرق القتل من الطعن بالسكين، إلى الخنق والذبح والإلقاء في البئر




من جانبها أكدت وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن ، أن العنف ضدّ المرأة في تونس في ارتفاع وأن العنف الزوجي بات يمثّل أعلى نسبة من أشكال العنف المسجّلة من حالات العنف الذي تعاني منه النساء حيث تلقى الخط الأخضر 1899 خلال الثلاثي الأول من سنة 2023 /921 حالة عنف منها 654 حالة القائم بالعنف هو الزوج أي بمعدل71%عنف زوجي، مع العلم وأنه في الثلاثي الأول من سنة 2022 بلغت إشعارات العنف الزوجي 168 أي أن الظاهرة تضاعفت أكثر من ثلاث مرّات.

وأشارت الوزارة إلى أن تواتر حدوث حالات قتل الزوجات من قبل أزواجهنّ بمعدّل يزيد عن حالة قتل شهريّا تقريبا هو أمر مفزع ويستدعي من كلّ القوى المناهضة للعنف ضدّ المرأة دقّ ناقوس الخطر، حيث تم خلال 2022 تسجيل 15 جريمة قتل للزوجات. 

-  قتل النساء في تونس هي نتيجة علاقات قوى اجتماعية وهيمنة ذكورية :

أظهرت دراسة استطلاعية أنجزها كل من صندوق الأمم المتحدة للسكان بتونس وكلية العلوم القانونية والسياسية والإجتماعية بتونس، أن جرائم قتل النساء في تونس هي نتيجة علاقات قوى إجتماعية وهيمنة ذكورية ولا يمكن تنسيبها دائما إلى أسباب مرضية أوحالات إدمان.

وأظهرت الدراسة المموّلة من الإتحاد الأوروبي في إطار " برنامج آمنة : من أجل إجابة شاملة"، للعنف المبني على النوع الإجتماعي"، بعد تجميع قرابة 46 ملفا عن جرائم قتل النساء من الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات و قسم الطب الشرعي بمستشفى "شارنيكول"، أن 28.12 بالمائة من النساء ضحايا جرائم القتل، طلبن سابقا الطلاق أو قدمن شكاية ضدّ الزوج المُعنف أو أنهين علاقتهن مع الزوج.

وتمس هذه الجرائم بالخصوص حسب نتائج التحليل النفسي الإجتماعي للملفات، النساء الشابات اللاتي تترواح أعمارهن بين 19 و 30 والمتزوجات بنسبة 71.73 بالمائة. وتقع هذه الجرائم في أغلب الأحيان بالمنزل الزوجي أو منزل الضحية.

وتكون أداة الجريمة في أغلب الحالات المرصودة، السلاح الأبيض ويمكن أن يتجاوز عدد الطعنات 20 طعنة في جسم الضحية بالخصوص في مستوى الرأس والقفص الصدري، حسب ذات الدراسة.وتستهدف أغلب هذه الجرائم النساء اللاتي ليس لديهن دخل مادي، حيث أظهرت النتائج أن 46 بالمائة من الضحايا لا يشتغلن.


لبنى حميدة
مشاركة
الرجوع