- أخبار
- مقال رأي
- 2019/02/21 14:42
سابقة في تاريخ الأمم : المواطن التونسي يعيل دولته
لا يختلف عاقلان في أن تونس تعيش اليوم ظرفا استثنائيا وأياما يصعب أن تكون قد مرت عليها على الأقل في التاريخ الحديث للبلاد .. وضعية صعبة ومعقدة إلى حد قد يعجز اللسان عن وصفها والقلم عن تحديد جل تفاصيلها.
ولئن كان من الطبيعي أو بالأحرى من المتوقع أن تمر البلاد بظروف مماثلة بعد ثورة/انتفاضة شهدتها منذ فترة غير بعيدة فإن تواصل سياسة الهروب إلى الأمام التي انتهجتها وتنتهجها الحكومات والإدارات المتعاقبة منذ انتخابات 2011 جعلت أسوء كوابيس المواطن التونسي تتجلى حقيقة مزعجة يلامسها في واقعه اليومي وتحول دونه وتوفير عدد من المقومات الأساسية لحياة كريمة.
قد يكون من غير الموضوعي الحكم على النوايا أو إسقاط سوء النية والتصرف على أغلب القرارات والسياسات النقدية التي أدت إلى تدهور الدينار وتراجع رصيد البلاد من العملات الأجنبية وإلى عجز الصناديق الإجتماعية وعدد من الشركات الوطنية .. قد يكون من السطحي أيضا حصر سبب تذبذب القرارات وقصر النظر والعجز في ارتهانها إلى مصالح صندوق النقدي الدولي "الراغب" ، ربما، في الحدّ من العجز التجاري والتضخم وغلاء المعيشة .. فلا هذا الصندوق ولاغيره قد يجرؤ على منع السلط من البحث عن الأسباب الحقيقية لما آلت إليه المالية العمومية .. لا هو ولا غيره قادر على منعهم من القضاء على التجارة الموازية والأسواق السوداء للصرف .. لا هو ولاغيره يحول دونهم وإلغاء عمليات التوريد لمواد لا طائل ولا منفعة منها في استنزاف تام لموارد البلاد من العملة الصعبة .. لا هذا الصندوق ولا غيره من الصناديق قد يحجر على سلطة محاربة الفساد فعليا ...
قد يظن البعض أن سبب الداء هو "الأيادي المرتعشة" التي تعجز عن اتخاذ القرارات الضرورية ولكن المواطن التونسي يعرف جيدا أنّ الأيادي لا ترتعش عند فرض الضرائب ورفع في قيمة الأداءات على أجره وممتلكاته .. لا ترتعش حين تمضي على قرار بخصم 1% من راتبه بعنوان مساهمة اجتماعية .. لا ترتعش عند المصادقة على الترفيع في الفائدة المديرية .. هي أياد صارمة كلما تجنبت مشقة البحث عن حلول حقيقية وآثرث تحميل المواطن مسؤولية "الفشل" السياسي والإقتصادي والإتصالي .. هي أياد "ذكية" تختار جيدا الجسد الذي توجه له صكوكها الجبائية فهي تفرق جيدا بين البسيط المغلوب على أمره الذي لا يقدر إلا على الخضوع وبين أهل الثروات المحصنين والداعمين بأموالهم.
يخرج علينا بين حين وحين خبراء المال والإقتصاد ،كل حسب ميولاته وأهوائه، ليشرح ويفسر الوضعية الاقتصادية للبلاد فترى البعض منذرا بقدوم المجاعة والانهيار التام مستحضرا المقولة الشهيرة للعلامة ابن خلدون "إذا كثُرت الجباية ..." وتلمح البعض الآخر مستبشرا بانقضاء الغمة ومرور السنة الأصعب مطالبا بمزيد الوقوف من أجل البلاد .. بين هذا وذاك وهم منا وإلينا ولكل منهم جمهوره ومحبوه .. لا يتطلب التشخيص جهدا ومعرفة كبرى فهذه السنوات "العجاف" جعلت المواطن التونسي رغما عنه خبيرا سياسيا عسكريا اقتصاديا وجعلت المقاهي والأسواق والفضاءات العامة ساحة للنقاش والتحليل والتقييم ..في هذه الساحات فقط يكون التشخيص أقرب إلى الواقع فيها فقط تلمس الواقع دون مجاملات ودون أقنعة ولا قفازات ... فيها فقط تتجلى الصورة واضحة دون "فيلتر" ويتجزأ "كنش الكريدي كما تحدث ذات مرّة وزير المالية السابق محمد فاضل عبد الكافي إلى قسمين كبيرين .. قسم أول يدون فيه للسيد المواطن ما قدمه للعزيزة تونس طيلة هذه السنين من خصم في راتبه وتحمل لنفقات إضافية في فواتير الاستهلاك والأداءات والقروض وفي مصاريف المحروقات وفي أسعار المواد الاستهلاكية وغيرها .. وقسم ثان يسجل فيه للسيد صاحب القرارات والأوامر ، منذ 2011 ، أنه كان السبب المباشر في إثقال كاهل صاحب القسم الأول بقرارات متخبطة سطحية تفتقر إلى الحد الأدنى من الاستشراف فالحلول الفعلية معلومة للجميع غير أنها بقيت مجرد شعارات مناسباتية فما ضرّ لو تمّ التصدي ولو جزئيا للتهريب والسوق السوداء .. ما ضرّ لو فرضت الدولة سلطتها على موارد الإنتاج من فسفاط ومواد طاقية .. ما ضرّ لو كانت كل القرارات صارمة وضمن حزمة واحدة حينها سيكون الأثر ملموسا ولو بعد حين..
قد يكون من غير الموضوعي الحكم على النوايا أو إسقاط سوء النية والتصرف على أغلب القرارات والسياسات النقدية التي أدت إلى تدهور الدينار وتراجع رصيد البلاد من العملات الأجنبية وإلى عجز الصناديق الإجتماعية وعدد من الشركات الوطنية .. قد يكون من السطحي أيضا حصر سبب تذبذب القرارات وقصر النظر والعجز في ارتهانها إلى مصالح صندوق النقدي الدولي "الراغب" ، ربما، في الحدّ من العجز التجاري والتضخم وغلاء المعيشة .. فلا هذا الصندوق ولاغيره قد يجرؤ على منع السلط من البحث عن الأسباب الحقيقية لما آلت إليه المالية العمومية .. لا هو ولا غيره قادر على منعهم من القضاء على التجارة الموازية والأسواق السوداء للصرف .. لا هو ولاغيره يحول دونهم وإلغاء عمليات التوريد لمواد لا طائل ولا منفعة منها في استنزاف تام لموارد البلاد من العملة الصعبة .. لا هذا الصندوق ولا غيره من الصناديق قد يحجر على سلطة محاربة الفساد فعليا ...
قد يظن البعض أن سبب الداء هو "الأيادي المرتعشة" التي تعجز عن اتخاذ القرارات الضرورية ولكن المواطن التونسي يعرف جيدا أنّ الأيادي لا ترتعش عند فرض الضرائب ورفع في قيمة الأداءات على أجره وممتلكاته .. لا ترتعش حين تمضي على قرار بخصم 1% من راتبه بعنوان مساهمة اجتماعية .. لا ترتعش عند المصادقة على الترفيع في الفائدة المديرية .. هي أياد صارمة كلما تجنبت مشقة البحث عن حلول حقيقية وآثرث تحميل المواطن مسؤولية "الفشل" السياسي والإقتصادي والإتصالي .. هي أياد "ذكية" تختار جيدا الجسد الذي توجه له صكوكها الجبائية فهي تفرق جيدا بين البسيط المغلوب على أمره الذي لا يقدر إلا على الخضوع وبين أهل الثروات المحصنين والداعمين بأموالهم.
يخرج علينا بين حين وحين خبراء المال والإقتصاد ،كل حسب ميولاته وأهوائه، ليشرح ويفسر الوضعية الاقتصادية للبلاد فترى البعض منذرا بقدوم المجاعة والانهيار التام مستحضرا المقولة الشهيرة للعلامة ابن خلدون "إذا كثُرت الجباية ..." وتلمح البعض الآخر مستبشرا بانقضاء الغمة ومرور السنة الأصعب مطالبا بمزيد الوقوف من أجل البلاد .. بين هذا وذاك وهم منا وإلينا ولكل منهم جمهوره ومحبوه .. لا يتطلب التشخيص جهدا ومعرفة كبرى فهذه السنوات "العجاف" جعلت المواطن التونسي رغما عنه خبيرا سياسيا عسكريا اقتصاديا وجعلت المقاهي والأسواق والفضاءات العامة ساحة للنقاش والتحليل والتقييم ..في هذه الساحات فقط يكون التشخيص أقرب إلى الواقع فيها فقط تلمس الواقع دون مجاملات ودون أقنعة ولا قفازات ... فيها فقط تتجلى الصورة واضحة دون "فيلتر" ويتجزأ "كنش الكريدي كما تحدث ذات مرّة وزير المالية السابق محمد فاضل عبد الكافي إلى قسمين كبيرين .. قسم أول يدون فيه للسيد المواطن ما قدمه للعزيزة تونس طيلة هذه السنين من خصم في راتبه وتحمل لنفقات إضافية في فواتير الاستهلاك والأداءات والقروض وفي مصاريف المحروقات وفي أسعار المواد الاستهلاكية وغيرها .. وقسم ثان يسجل فيه للسيد صاحب القرارات والأوامر ، منذ 2011 ، أنه كان السبب المباشر في إثقال كاهل صاحب القسم الأول بقرارات متخبطة سطحية تفتقر إلى الحد الأدنى من الاستشراف فالحلول الفعلية معلومة للجميع غير أنها بقيت مجرد شعارات مناسباتية فما ضرّ لو تمّ التصدي ولو جزئيا للتهريب والسوق السوداء .. ما ضرّ لو فرضت الدولة سلطتها على موارد الإنتاج من فسفاط ومواد طاقية .. ما ضرّ لو كانت كل القرارات صارمة وضمن حزمة واحدة حينها سيكون الأثر ملموسا ولو بعد حين..
أحمد الحباسي
الرجوع