• أخبار
  • وطنية
  • 2017/01/26 11:00

اليوم ذكرى "الخميس الأسود"

اليوم ذكرى
لم يكن 26 جانفي 1978 يوما عابِرًا في تاريخ تونس الحديث، ففي مثل هذا اليوم تكون قد مرت 39 سنة على أحداث ما بات يسمى بـ«الخميس الأسود» خميس المواجهات الدامية التي هزت البلاد إثر الصدامات العنيفة التي شهدها ذلك اليوم بين الطبقة الشغيلة التي يقودها اتحاد الشغل ونظام الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة.
هذا اليوم الدامي الذي ” تَحوّل من إضراب عام أعلنته قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل إلى حالة شعبية رافضة لسياسات الحكم وخياراته، أمسَى في قراءات المؤرّخين حدثا يختزِل سياقات مرحلة بأكملها من التاريخ السياسي والاجتماعي للبلاد.
رغم انقضاء 39 سنة على الأحداث، فإن الفصول الكاملة للرواية مازالت مَقبورة في الرفوف و لكن الذاكرة الشعبية والنقابية أفلتت من المعتقلات ومن مَخافر البوليس لتروي -في شهادات وبيانات مُوثقة- عذابات جيل من التونسيين أسقطتهم رصاصات الشرطة والعسكر وتعرّضوا للاعتقال، وتم اقتيادهم إلى محكمة أمن الدولة، وبعضهم لقِي حتفه تحت التعذيب.
تقول دفاتر التاريخ إن العلاقة بين الحزب الدستوري الحاكم والاتحاد العام التونسي للشغل شهدت تصدعا حادا بداية من السبعينات نتيجة مطالب عمالية ونقابية وسياسة التصعيد التي انتهجها نظام بورقيبة خاصة بإعلان الاتحاد الإضراب العام يوم 26 جانفي 1978 بعد انعقاد مجلسه الوطني أيام 8 و9 و10 جانفي 1978 وكانت هذه التواريخ بداية الحسم في قرار الإضراب لا سيما بعد فشل جميع المساعي الداخلية والخارجية لفض النزاع واشتعال فتيل المسيرات والمظاهرات التي عمت البلاد خاصة بمدينة صفاقس ومدينة قصر هلال والتي واجهها نظام بورقيبة بالخيار الأمني وذلك قبل أيام فقط من موعد 26 جانفي خاصة بعد إقالة وزير الداخلية آنذاك الطاهر بلخوجة المعروف بعدم ميله إلى الحل الأمني وتعيين وزير الدفاع عبد الله فرحات مكانه مما ساهم في اشتعال الوضع أكثر ونزول الجيش لأول مرة إلى الشوارع وانتشاره في العاصمة يوم 26 جانفي.
و لعلّ المشاركة الشعبية الكبيرة و الغير معهودة في التحرك الاحتجاجي و اتساع رقعة التحركات لتشمل مختلف ولايات الجمهورية أربكت النظام وجَعلَته يمضي في خيار المواجهة الدموية بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين السلميين لَيسقط بذلك المئات من الشهداء والآلاف من الجرحى. وفي هذا السياق تؤكد تقارير مستقلة أن حوالي 400 قتيل سقطوا في الأحداث وجرح أكثر من ألف مواطن نتيجة المواجهات بين الجيش وبوليس بورقيبة من جهة والمتظاهرين من جهة أخرى في حين أقرت حكومة الهادي نويرة بسقوط 52 قتيلا و365 جريحا فقط. مواجهات عرفت كذلك عمليات تخريب شملت حرق و تهشيم عديد المقرات و المؤسسات و السيارات كانت تقف وراءها انذاك مجموعات تابعة للحزب الحاكم كان يطلق عليها النقابيون “مليشيات الصّياح” نسبة لمحمد الصّياح مدير الحزب الاشتراكي الدستوري. كما شهد يوم 26 جانفي 1978 حملات اعتقالات واسعة في صفوف النقابيين مركزيا وجهويا تلاها تنصيب قيادة نقابية موالية للحكومة ترأسها التيجاني عبيد خلفا للحبيب عاشور الذي زُج به في السجن ليبدأ بعد ذلك نظام بورقيبة في سلسلة من المحاكمات لرموز اتحاد الشغل بسبب إقرار الإضراب العام الذي مثل الضربة الحاسمة للعلاقة بين الاتحاد وحكومة الهادي نويرة والتي ستكون لها تداعيات هامة في أحداث الخبز 1984.
و ليومنا هذا لا تزال احداث 26 جانفي 1978 حاضرة في أذهان التونسيين رغم مرور أكثر من 39 سنة على وقوعها.. فكل المحطات التاريخية والمصيرية في تونس ارتبطت بالاتحاد العام التونسي للشغل أحد المكونات الفاعلة في البلاد فاذا تحرك غير مجرى التاريخ وصنع الأحداث..
0:00
0:00
مشاركة
الرجوع